نحن شعب الله المؤدب ياروعة

نحن شعب الله المؤدب ياروعة
د.فلاح العُريني
رسالة إلى سعادة النائب روعة غرابلي، بصفتها نائب وعضو في لجنة الحريات النيابية..
تحية وبعد..
احترمك كشخصية أردنية غيورة على تراب هذا الوطن، واحترم الاصوات التي دفعت بك تحت القبة، فاحترام القانون واجب، كما ان تطبيق القانون بعدالة واجب ايضاً، حتى لو كان القانون بحد ذاته ظالماً، فالعدل الذي نبحث عنه سنجده في تطبيق القانون بالشكل الصحيح اكثر منه في تعديل النصوص الجائرة..
سعادة النائب..
عندما طالبتي السلطة التنفيذية ومن خلال الحكام الاداريين بحبس كل من ينزل الى الشارع، بحجة افسادهم للحياة الاجتماعية واخلالهم بالنظام العام، كان عليك ان تعي جيدا بأنكِ تحت قبة البرلمان تمثلين السلطة التشريعية وليست التنفيذية، ولهذا المنصب اختارك الشعب..
دعيني انتقد ماجاء في طلبك من حيث انه من غير المتصور ان تتربعي على عرش لجنة الحريات في مجلس النواب وتنادي بالقمع والاعتقال، فهذا يجعلني كمواطن اردني غيورا مثلك على تراب الوطن وكرامة ابنائه وحياء الغارمات من بناته أن اطالب مجلس النواب بحسن الاختيار لاعضاء اللجان في مجلسه الموقر، ولنأخذ على سبيل المثال لجنة الحريات الحريات البرلمانية والتي يجب اختيار اعضاؤها بعناية فائقة من حيث تمتعهم بالحد الاعلى من الحرية وايمانهم بانهم خلقوا اسيادا وليس عبيدا، حتى يستطيعون الدفاع عن حرية المواطن الاردني، تلك الحرية التي فقدت عذريتها من خلال التوقيف الاداري الذي تنادين به ياعزيزتي..
لو قدر لي ان اقوم بتشكيل لجنة الحريات داخل قبتكم المتعثرة لجعل اعضاؤها جلهم ممن كانوا في الشارع يصرخون ويهتفون باسم الله والوطن ثم باسم الحق والحرية والعدالة..
الذين نزلوا الشارع ومازالوا يرقبونه بعين الحريص على الوطن وبنيانه، هم الاحق برئاسة وعضوية لجنة الحريات من الذين يطالبون بتأديب الاحرار على يد الحكام الإداريين..
سعادة النائب..
ماتفضلتي به لايمثل الا شخصك الكريم، لان الشعب الأردني الذي اوصلك الى القبة جاء بك عينا ساهرة على راحته والمطالبة بحريته، لانه شعب رضع الحرية ولم ولن يتنازل عنها يوما..
ان اهبرتك بانني اميل الى اعتذارك من الشعب او استقالتك من المجلس فأنا اكذب عليك، ولست انا من رجالات الكذب والنفاق، ولكنني ادعوك وبكل صراحة ان تغادري لجنة الحريات، فالحرية تستصرخكي ياعزيزتي بأن تفكي قيود يديكي حول عنقها، لعلها تتنفس وتعود لها الحياة من جديد..
سعادة النائب..
ان قتل الحرية واستباحة دماؤها جرم خطير وانتهاك جسيم للدستور الاردني الذي نادى بحرية التعبير من خلال المادة (١/١٥) والتي نصت على انه “تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون”.
لذلك ياسعادة النائب إن اية محاولة لتعطيل أي نص دستوري يعتبر تطاولا على الدستور وعدم احترامه او المحافظة عليه، وإن مطلبك بحبس وتربية المعبرين عن رأيهم من خلال الشارع يعتبر تعطيلا للمادة الدستورية سالفة الذكر، مما يستوجب الملاحقة القضائية.
سعادة النائب..
نحن شعب لا نُلام عندما نطالب بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ولا نلام عندما نطالب بأن يكون اعضاء مجلس النواب في اغلبهم رجال سياسة وقانون وفكر وحرية..
لو كان الامر كذلك لكان لديك ابسط التفاصيل عن مفهوم التوقيف الإداري الذي تنادين به..
وفي مقالي الذي اعتبره رسالة لعلها تصل الى سعادتكم دعيتي ابين لك مفهوم التوقيف الاداري ورأي فقهاء القانون ودعاة الحرية فيه..
ان المركز الوطني لحقوق الإنسان لعام 2018 حول الواقع الإنساني والحريّاتي في المملكة رصد تجاوزات وتعديات على حقوق الانسان من بينها التوقيف الإداري، حيث بين ان الاعقتالات بداعي مكافحة الجريمة بازدياد، وهذا ما اعترف به دولة رئيس الوزراء الأردني السابق عمر الرزاز بنصريحه امام المجلس بان اعداد الموقوفين بازدياد.. وقد انتقد حقوقيون وناشطون هذا التوقيف والمبالغة فيه، فيما ذهب بعضهم إلى اعتباره تعسفا في استعمال السلطة.
وإنني أرى وبحق ان التوقيف الاداري فيه مخالفة لمبدأ دستوري أصيل وهو الفصل بين السلطات، إذ أنّ هذا القانون يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات قضائية.
قد يقول البعض أن التوقيف الاداري موجودا في كل دول العالم، نعم صحيح ولكن دول العالم تأخذ بالتوقيف الاداري بشكل توفيقي بين القانون وحسن التطبيق، والغاية منه الردع ومنع الجريمة على العكس ماهو معمول به لدينا من محاولة استغلال التوقيف الاداري واطلاق العنان للحاكم الاداري لتكميم الافواه وقمع الحريات.
وتأتي الخطورة في التوقيف الاداري من خلال بعض الشخصيات ذات النفوذ التي تجري وساطات وتدخلات للإفراج عن ذوي الاسبقيات والذين يشكلون خطرا على حياة الفرد والامن المجتمعي، اضف إلى ذلك أن معظم ذوي الأسبقيات على درجة عالية بالثقافة القانونية، وهم يرتكبون جرائمهم استنادًا لمعرفة قانونية تمكنهم من الإفلات من العقاب، او يحصلون على عقوبة مخففة.
وفيما يتعلق بمنهجية الحاكم الإداري فعليع ان يراجع السجل الجرمي للموقوف، فإذا كان من ذوي الأسبقيات يتم توقيفه أو فرض إقامة جبرية عليه للحد من تحركاته التي قد تفضي إلى ارتكاب جرائم تضر بمصالح المواطنين وأرواحهم.
وهذا لانجده معمولا به لدى الحكام الإداريين لاسباب تتعلق بسيطرة الواسطة والمحسوبية، او عدم توافر بنك للمعلومات حول شخصية المجرم وسجله الاجرامي وكذلك جهل الحاكم الاداري بالقانون وعدم صلاحيته لتطبيق التوقيف الاداري بالشكل العادل وفقا لقواعد العدالة والانصاف، اضف الى ذلك غياب الرقابة او الطعن بقرارات الحاكم الاداري المتعلقة بالتوقيف، وان القول بأنّ قرارات التوقيف هي بمثابة قرارات إدارية قابلة للطعن أمام المحكمة الإدارية، ماهو الا محظ افتراء، إذ يتوجّب حصر هذه الصلاحية بالقضاء فقط، حيث ان الكلف المادية التي يتكلّفها الأفراد لإقامة الدعاوى الإدارية تتجاوز في حدودها المصلحة المتحققة من الطعن.
بقي ان نقول في هذا السياق ان التوقيف الاداري يشكّل مخالفةً صريحةً لنص المادة (١/١٢٨) من الدستور الأردني والتي تنص على أنّه لا يجوز أن تؤثر القوانين بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات، على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسيتها، علاوةً على مخالفة المبدأ الجزائي الدولي: لا يُلاحق الفعل الواحد إلّا مرةً واحدة.
سعادة النائب ربما اطلت عليك في رسالتي هذه، ولكنها في جميع احوالها ليست بأطول من الوقت الذي كان يمضيه النائب وقت ترشحه على ابواب المواطنين مستجديا الصوت للحصول عليه بطريقة العاطفة او الاستجدا او الشراء للذمم.
لذا دعيني وبمناسبة تبريرك للغاية من طلب اعتقال الاحرار وحبسهم، حيث اوضحتي ان الغاية من وراء ذلك هي تربيتهم..
لذا كان لزاما علي وانت ابنة وطني ان اهمس في اذنك لاخبركي من هم الذين يحتاجون التربية والتأديب في وطني..
الاحرار الذين يصرخون لانقاذ الوطن مما حل به من فساد وظلم وتآكل واضطهاد، هؤلاء لايستحقون التربية والتأديب ياسعادة النائب..
ان من يستحقون التأديب والضرب بالنعال هم الفئات القذرة التالية:
من روَّع الآمنين في سربهم، وقضَّ مضجعهم، وأفقدهم لذة الحياة، يستحق التأديب..
من أخذ حقَّ غيره بالواسطة والقوة وسيف السلطة والمال والجاه، يستحق التأديب..
من سيطر على مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية، من خارج اسوارها، وقام باحتلالها، وضمها إلى املاكه، وتحكم بالعاملين فيها، واستعبد الناس، يستحق التأديب..
من اوعد الناس بخير وهرب، ومن وضع نفسه مكان السلطة وحال لسانها وتنصل، ومن باع دينه بدنيا غيره، يستحق التأديب..
من وعد الأردنيين بالخروج من عنق الزجاجة، والتحرر من ضنك الحياة، وزرع الأمل في قلوبهم بأن القادم أجمل، ولم يوفِ بوعده، يستحق التأديب..
من طالب الشعب بالدفع قبل الرفع وبعد الرفع واثناء الرفع دون أن نلمس تغيراً يُذكر، يستحق التأديب..
من توجه للدوار الرابع بحثاً عن الاصلاح وتوَّج من نفسه ولي أمر المعارضين، حتى أخذ منصباً من حرام ومال سحت من جحيم، وتنازل عن المبادئ، يستحق التأديب..
مَن أوجد الملاذات الآمنة والناس نيام، وهرَّب الاموال وساعد على غسيلها، واستولى على الخزينة حتى القاع، يستحق التأديب..
من قام باستغلال منصبه في توظيف المقربين والمخالطين ومقربي المقربين ومخالطي المخالطين دون وجه حق، يستحق التأديب..
من رسم الفخ لنقابة المعلمين، وساعدهم على تغيير نهج اعتصامهم، ثم فتح لهم ابواب القانون، كمفصلة لقطع رأس النقابة، واغلاقها، يستحق التأديب..
من دعا إلى تشليح المواطن، مستغلاً منصبه في لجنة تسعير المحروقات، يستحق التأديب..
من كان مسؤولاً مسؤولية أخلاقية عن فاجعة البحر الميت بحكم منصبه، وتمسك بالمنصب، أو توجه لمنصبٍ آخر، يستحق التأديب..
من تولى تعيين أشقاء النوَّاب، رغم أنف القانون، ورغم شوارب الشعب، يستحق التأديب..
من قام بصياغة قانون الانتخاب، وتقسيم الشعب إلى ثلاثة فئات: مرشحين، ناخبين، وحشوات، يستحق التأديب..
من استطاع أن يقنع الناخبين بأن المال السياسي هبات واعطيات ولاحرام فيه، يستحق التأديب..
من استطاع أن يجعل الحشوات تتصدر مجالس الرجال، وتتكلم بلغة الرجال، وتزرع صورها على الطرقات وابواب الحمامات، وعلى اسطح البارات وبجانب الحاويات، يستحق التأديب..
من قبض من أكثر من مرشح، وعاهد أكثر من مرشح، ولعن اكثر من مرشح، يستحق التأديب..
من باع اصول الدولة وممتلكاتها بربع الثمن الحقيقي، ودمر الاقتصاد وأهلك العباد، يستحق التأديب..
من سرق أموال البوتاس والفوسفات والضمان الاجتماعي وارض العبدلي، وبطرق قانونية، وحماية قانونية، يستحق التأديب..
من أحبط مسيرة المتعطلين عن العمل، التي اعلن ميلادها د.فلاح العريني، ومن وقَّع عقود التشغيل الوهمية مع أبناء معان والطفيلة وذيبان، ووعد بتعيينهم، وباعهم لوزير العمل، وتاجر بقضيتهم، وقدَّم شبابنا المتعطل عن العمل على طبق من ذهب للسجون والاعتصامات والاحتجاجات، وتآمر عليهم ونحرهم من الوريد إلى الوريد، يستحق التأديب..
من فرض الرسوم والضرائب، والاتاوات، والخاوات، والمخالفات، بذريعة أوامر الدفاع، حتى اصبح المواطن لايملك الا عظماً يكسوهُ جلداً بالياً، يستحق التأديب..
من حارب الله ورسوله، وسمح لمسلسل جن أن يستوطن البتراء، يستحق التأديب..
من تآمر على الوطن، واعتبرنا ناقمين، ولن يؤمن بأن الناقد ناصح للوطن وليس متآمراً، يستحق التأديب..
من جنَّس شتات الشعوب، ومنحهم حق الجنسية الأردنية، مقابل ثمن بخس، ليسيطروا على اقتصاد البلد وفرص العمل، ونشر الجريمة المجتمعية المنظمة بين اطياف الشعب، يستحق التأديب..
من يرتدي العباية التايوانية، وينصب من نفسه كبير قومه وشيخهم، ويمضي قذارة وقته لصاً صعلوكاً، يأتمر بأوامر الحكام الإداريين، لتوجيه الرأي العام عكس ارادة الشعب، ويساعد في اضطهاد بني قومه، مقابل فنجان قهوة بلاستيكي، يستحق التأديب..
من وظَّف الزعران لصالحه وقام بحمايتهم والدفاع عنهم، يستحق التأديب..
من تسبب في فاجعة السلط واهمل في واجبه الاخلاقي والقانوني، يستحق التأديب..
من قام بتشكيل لجان مجلس النواب بطريقة تبعث على الاستفراغ، يستحق التأديب..
والآن هل عرفتي ياسعادة النائب من هو الذي يستحق التاديب والتربية؟

يكفي_عاد

فلتسقط_لجنة_الحريات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى