في بساط العبودية “3-3” / عبد اللطيف العسلي

في بساط العبودية “3-3″
مراتب العبودية (5 – 1 )
بقلم / عبد اللطيف مهيوب العسلي.
على أحسن اعتبار فإن للعبودية
خمس مراتب وهي :
1 – الحياة .
2- ما خلق الله من المنافع التي تقوم عليها الحياة .
3- الإيمان .
4 – اليقين .
5 – علم استشراف المستقبل .
المرتبة الأولى :
وهي مرتبة الحياة التي تفيد التمكين والاختيار .

فمن الملاحظ أن أول مراتب العبودية بداية ﻻ تعتمد بالضرورة على لغة وﻻ على رواية فلان عن فلان ، وﻻ على الوحي ، بقدر ما هو وحي لكل مخلوق متمكن بدون واسطة رسل ، ﻷنه بحسب الواقع الفعلي ليس بمقدور إنسان أو رسول أن يتواصل مع جميع الخلق من جميع القوميات المختلفة في زمن محدد وبلغة محددة ، وحتى لو استخدم الترجمات ، فإنه في حال تمكنه قالترجمة لا توصل المعتى وتفقد جزء من النص ، ولذلك كان كل رسول يأتي بلغة قومه ، لكن الخالق جل وعلا قدرته غير متناهية ويستطيع بقدرته أن يتواصل مع جميع خلقه دون أن ينسى أحدا منهم ، ﻷن كل مخلوق متمكن لديه عقلا يفهم به نفسه وغيره ، وكل مخلوق يحمل دليلا في في ذاته على أنه لم يوجد نفسه ، وكذلك التامل في جميع المخلوقات ﻻ تؤدي إﻻ إلى نتيجة واحدة أنها لم تخلق نفسها ، وان لها خالق يختلف عنها له قدرة كاملة.
فكان أول كتاب لهذا العقل هو كتاب الكائنات ” الخلق “، وأما الكتاب الثاني فهو اكتشاف العلوم التي تدرس الظاهرة الكونية فهذا هو الدين الحق القائم على العقل ، والعامل المشترك بين كل ألأمم من البشر جميعا ، وبغير العقل يصعب معرفة الدين ، بل وتنتفي فكرة التدين التي هي ابرز سمة يتميز به الانسان من بين سائر مكونات الكون وهو الذي يبحث العبودية ، إما ليعبد او ليعبد .
ومن خلال سعيه الحثيث يحاول الإحاطة علما بخالقه ولن يحيط به علما ، إلا بما أحط به علما بنفسه وبما يليه من ربك
، إذا نستطيع ان نتعرف على الخالق من خلال أفعاله ومخلوقاته والذي نحن جزء منها ، وبلحظة تامل واحدة ونظرة واحدة إلى الأمم وملايين من الناس والأنعام ، و الحشرات والهوام …كيف أبدع خلقها ؟!
وكيف تول جمعها وفرقها في برها وبحرها ؟!
وكيف قدر أرزاقها وآجالها ؟!
في لحظة تأمل في البعوضة كيف أوصل إليها رزقها ؟!
يصل وحي الله إلى جميع خلقه،
وهذا هو الكتاب الحق الذي لا لا يحتاج إلى لغة وﻻ إلى ترجمان ..
، وليس بمقدور أحد من البشر تحريفه أو تزويره ، إنه يبدأ من داخلك أنت ، فكما أن وجودك حقيقة وأنك لست سبب وجودك ، وﻻ خيرت لتوجد لكنك وجدت ، فوجود خالقك هو اﻷخر حقيقة ، وكما لا تستطيع نفي وجودك كذالك لا تستطيع أن تنفي وجود خالقك .
فالله المعبود هنا قائم بذاته ، وكل مخلوقاته تشهد ، فكل بديع ينسب إلى إبداعه ، وكل مخترع يشهد باختر اعه يسبح بحمده ويشير إلى اصطناعه ، إﻻ من سفه بالجهل نفسه .
وكل ما على هذه الأرض يتعلقك وجوده بوجوده ، وﻻ يتعلق وجود الخالق به ، كما لا يحتاج إليه . ولكنه يستحق الشكر على نعمة إيجاده ، وتعظيمه وتمجيده ،والعبودية غاية التعظيم
ولا يستحقها إﻻ من صدر إليك منه غاية الإنعام ،” وأعظم وجوه الإنعام الحياة التي تفيد التمكين من الانتفاع وخلق المنتفع به .
وهذه هي المرتبة الأولى التي يجب الاقرار بها من جميع الخلق اضطرارا .

وإليها الإشارة في قوله تعالى :

(( …..ٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) مريم .

وكذلك قوله تعالى :
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)) البقرة
وما تلتها من الآية إلى قوله تعالى :
((كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) ))البقرة
…..
ومما ينبغي الإشارة إليه أنه يطلق على هذه المرتبة بالمفهوم الاسلامي ” التوحيد .”
………

يتابع. المرتبة الثانية :
” المنافع التي تقوم عليها الحياة .”

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى