يا عمو!! / محمد العيسى

يا عمو!!

– يا ابن الحلال هاي بنتك وعرضك ما بصير ترميها بالشوارع تشحد من خلق الله!!
– فكي عني يا مرة ، شو بدك يعني استتها واعلمها خليها تجيب مصاري من هسا بدي مصاري والصغار همه الي بجيبو مصاري..
كان هذا الحوار الذي دار بين ذلك الرجل وزوجته حين قرر هذا الرجل وبكل جشع أن يدفع ابنته الصغيرة “شمس” الى الشارع حافية القدمين لتمد يدها للناس طالبة المساعدة ، كانت تقف خلف الباب تسمع كلام أبيها وترتجف خوفا من قراره ، رأت في عين أمها دمعة الحسرة وفي نفس الوقت كانت دمعة الضعف بل كانت دمعة تشير الى موافقتها على ذلك الأمر.

ذهبت مسرعة الى فراشها الصغير واحتضنت لعبتها الصغيرة وأخذت تبكي حتى غلبها النعاس ونامت لتستيقظ على يوم جديد بكل ما فيه يوم لا تدري كيف يسكون ومن ستواجه فيه ، الساعة الخامسة صباحا استيقظ الاب وأيقظ الصغيرة “شمس” لكنها لا تستيقظ ضربها بقدمه فاستيقظت خائفة وقال لها ” قومي ورانا شغل بلا نوم بلا هم ” وخرجت معه دون حول لها ولا قوة .

“شايفة يابا هاظ الشارع في اربع اشارات كل ما تسكر اشارة بتروحي عليها وتوقفي عند السيارات وبتشحدي ، ويا ويلك اذا بتروحي على الدار وما معك مصاري والله لاحرق ايدك بالسيخ الحامي” ، كانت هذه خطة العمل التي القاها ذلك الرجل على ابنته قبل أن يغادرها ويغادر كل تلك الطفولة لتبقى لعبة في الشارع يتسلى بها الناس الا ما رحم ربي.
بدأت “شمس” بتطبيق كلام والدها والحزن على عينيها ليس تصنعا وانما الما على ما حل بها، بدأت تركض بين الإشارات الضوئية وتطرق زجاج السيارات وتطلب من هذا ومن تلك خوفا من رجوعها الى بيتها دون مال ، بدأت تشعر بفقدان الطفولة يوما بعد يوم ، بدأت تشعر بفقدان البراءة ، حتى أنها فقد نعومة الأظافر وصارت عبارة عن آدة متحركة لتوفير المال.

مقالات ذات صلة

وفي يوم من الأيام وقد كان الجو ماطرا أيقظها والدها لتذهب الى ذلك الشارع ، الا انها توسلت اليه بان لا تذهب بسبب المطر ولكنه رفض فذهبت ، وصلت “شمس” ووقفت في نفس الشارع والمطر يلامس كل جزء في جسدها والكل في سيارته لا يكترث لها ولا يفتح نافذة سيارته كي لا يذهب الدفئ منها ، اقترب الليل ولم تجني الا دينار واحد صارت تركض في الشارع بجنون تريد ان تتحاشى عقاب والدها.

لا احد في الشارع والضباب قد حل رأت سيارة فارهة على الجهة المقابلة ذهبت مسرعة اليها وهي تصرخ بوصت عال “يا عمو يا عمو اعطيني مصاري حيضربني” ، وقبل ان تصل اليه دهستها حافلة فوقعت أرضا ولفظت أنفاسها الأخيرة وهي تقول “يا عمو أعطيني يا عمو حيضربني ” ومن ثم غابت شمس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى