من مدفع رمضان الى مدافع العدوان تبَدّلت أحوال الزمان / ابو حمزة الفاخري

من مدفع رمضان الى مدافع العدوان تبَدّلت أحوال الزمان
أذكر وانا في طفولتي الباكرة انه حين يأتي رمضان أتجمّع انا واخوتي قُبَيل الغروب بلحظات لنرى ونشاهد ونسمع مدفع رمضان في درعا من على عريشتنا التي كانت مرتفعة كون منزلنا يقع في “الجَلَمة” الحي الجنوبي المرتفع ويكشف الناظر من خلاله تعانق السهول والتلال لتوأمي حوران الملتصقان رغما عن الجغرافيا السياسية التي زرعها سايكس وبيكو .
كنا نتلهف ونطالب المدفع الدرعاوي ان يعَجّل بالاطلاق لنرى وميض ناره ونزغّرد مع زغرودته التي كانت تبشرنا أن أفطروا ايها الصائمون …وكان ذلك الزمان خاليا من الاجهزة الحديثة لمكبرات الصوت ، وكان عدد المساجد في المدينة يقل عن عدد أصابع اليد الواحدة .
الآن تبدلت الاحوال ومشاكل الانسان ولم يتغير او يتبدل أطلس المكان ، ما تبدل وتغير جور الانسان على اخيه الانسان وبتنا ليالينا ونهاراتنا ونحن نتمنّى صمت هذه المدافع وأصوات الرصاص والصواريخ وهي تخرق الاجواء وتتساقط خبط عشواء فوق رؤوس الابرياء ليمت من يمت وتتهدم الجدران على ساكنيها ، ونحن ننظر بعيون قلقة ونقول متى تسقط قذيفة على منزلي او رأسي…
نشاهد وهيج النيران ولعلعة الرصاص من خلف الحدود الفاصلة بين الجسدين والتي يتعداها ليخترق القلوب قبل السهول والتلال ليمسح الخط الوهمي لهذه الحدود الوهمية كما دولنا الوهمية ويوّحد الالام والاوجاع ويصب اللعنات على من أعاد درعا الامة لقرون الجهل والتشرذم والخنوع لاجنبي لا يراعي الاً ولا ذمة ولا يفرّق بين درعا ورمثا…لان دماءهما واحد وأرضهما واحدة….وصيامهما واحد
ابو حمزة الفاخري…..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى