مشلول الماراثون والقمة العربية / وليد عبد الحي

مشلول الماراثون والقمة العربية
وليد عبد الحي
تدلنا البيانات الكمية المتوفرة على أن الدول العربية تعرضت للتهديد الأمني ” من قبل بعضها البعض ” بشكل مباشر أو غير مباشر خلال الفترة من 1947-2010 ما مجموعه 37 مرة، أي بمعدل مرة كل 1,7 سنة،وهو معدل كاف للتأكيد على حالة عدم الاستقرار في العلاقات العربية البينية، ناهيك عن الصراعات الداخلية في كل بلد عربي. ، وتشير المؤشرات الكمية إلى أن منطقة الشرق الأوسط شهدت في مرحلة ما بعد غزو العراق عام 2003، وحتى قبل اندلاع موجة الثورات العربية مباشرة، ما يقرب من 76 حالة صراعية، بينها 9 صراعات ذات جوانب دولية، و12 صراعا إقليميا، و 40 صراعا داخليا، و 15 حالة صراعية ترتبط بعوامل قومية تتعلق بنزعات انفصال أو حكم ذاتي.. وتتراوح تلك الصراعات بين صراعات مكشوفة، وأزمات عنيفة، وتوترات حادة كامنة قابلة للانفجار في أي وقت.
من ناحية أخرى،تتسم صراعات المنطقة العربية بنسبة عالية من الصراعات الممتدة، فهناك 30 صراعا مستمرا لمدة تجاوزت 30 سنة، و8 صراعات مستمرة لأكثر من 20 سنة، و11 صراعا مستمرا لأكثر من 10 سنوات تقريبا، ونحو ست صراعات تجاوزت حاجز خمس سنوات، والمفاجأة هي أن هناك 27 صراعا مستمرا لأكثر من سنة،مما يعني تسارع معدل الصراعات قصيرة المدة،وهو ما يشير إلى قدرة متدنية على التعايش، وضبط النفس على الساحة الإقليمية.
وما أن يدب الصراع بين أي دولتين عربيتين حتى تبدأ كل منها بالاستنجاد ” بسند دولي” أو ” حشد اقليمي”، وتبدأ الية العرب التاريخية لحل صراعاتهم بالدوران ، وهي التي حددها ابن خلدون في آلية الغلبة والدهاء( أي بالقوة او المؤامرات على بعضهم)..لأن التاريخ العربي في كل عرضه وطوله لا يعرف آلية لفض المنازعات السياسية بطرق سلمية .
فإذا اضفنا لذلك أن النظام الاقليمي العربي هو أكثر النظم الاقليمية في العالم اختراقا بالادوات الناعمة( الفضائيات الاجنبية والديون وشركات الامن الخاصة والشركات متعددة الجنسية ..الخ) والأدوات الخشنة ( التدخلات العسكرية والقواعد الاجنبية والمستشارين العسكريين والاعتماد على الاسلحة من الخارج ) يتبين ان القمة العربية تشبه مشلولا نزل لسباق المارثون اعتمادا على ” تصفيق المشجعين”….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى