.مسحراتي العيد

[review]لم أشتم رائحة العيد بعد، رغم انه على مقربة ليلة واحدة مني، ولست أدري هل المشكلة بأنفي القديم أم برائحة العيد نفسه.حتى الأطفال – آخر معاقل الفرح- يستقبلونه هذه المرة كما يستقبله العجائز، ونزلاء دور المسنين..بفتور ويأس وكآبة محمّلين بهموم ما بعد العيد..أنظر من نافذتي، هناك هالة من الغبار حول لمبة الشارع القريبة من بيتي، الحي يعاني من حظر تجوّل فرحي حقيقي، الأطفال يستلقون أمام التلفزيون ليتابعوا الحلقة ما قبل الأخيرة من باب الحارة ، والنساء مشغولات بالصفنة الدرامية اياها، البيوت ساكنة تماماً، لا حوار لا جدال لا ضحك لا بكاء، لا أكاد أسمع صوتاً سوى صوت أبو ساطور، هل نسي الناس ان غداً عيد؟؟.. نوافذ الألمنيوم تركض على سكّتها فور ان هبّت رياح شرقية محملة بأتربه رحّالة يحمل بريدها السريع الورق الهارب من غصون الشجر الضعيفة.ذهبت الى دكنجي الحارة، فوجدته هو أيضا يتابع باب الحارة، اشتريت بدينارين فتّيش/ فقّيع / طقّيع/ شنّيك ، و نص وقية قزحة ونص وقية سمسم، وجلست تحت اللمبة ذات الهالة..أشعلت الفتّيش دفعة واحدة في محاولة طبية لإنعاش جسد العيد دون جدوى..غنّيت لوحدي بكرة العيد وبنعيّد، وبنذبح بقرات سعيّد، وسعيّد ما عنده بقرة، بنذبح بنته هالشقرة كما غنّيت بأعلى صوتي أغنية أخرى تقول يا سعيد(… ) بعيد، اليوم الوقفة وبكره العيد..ثم تذكرت مقطعاً من أغنية الليلة عيد وأغنية ليلة العيد ..أيضاَ دون جدوى..بقيت عيناي معلقتين على النوافذ لترصد ردّة فعل الجيران على الفتّيش ، أخيراً فتحت نافذة واحدة وخرج منها صوت دعاية سفن أب ورأس شخص لم أميزه فتيقنت أن فضول الناس أيضاَ معطّل وقت بث باب الحارة..فقط أثناء الدعايات يستعيدون حواسهم، ينظرون من نوافذهم ويجيبون على مكالماتهم..رجعت الى بيتي،دخلت مطبخ أمي، نظرت الى المعجن المركون على الزاوية والى المنخل المتقاعد منذ عامين، أيقظتهما من سباتهما، وأحضرت الطحين والقزحة والسمسم وتنكة ملأتها بالماء الدافىء..وقلت لهم جميعاً أنا مسحّراتي العيد..امتزجوا جميعاً واصنعوا لي فرحاً، اصنعوا لي عيداً، اصنعوا لي ذاكرةً…مهلاً!!! ينقصكم جميعاً شيء واحد، نعم، أصابع أمي ؟؟..امي ! اعجني لي فرحاً بحجم الرغيف، آكله كي لا أموت حزناً..ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى