من كل بستان زهرة (2)

من كل #بستان #زهرة (2)

ماجد دودين

الحمد لله الأوّل الأزلي قبل الكون والمكان، من غير أوّل ولا بداية،

الآخر الأبدي بعد فناء المكنونات والأزمان بغير آخر ولا غاية،

مقالات ذات صلة

الظاهر في علوّه بقهره عن غير بعد، والباطن في دنوّه بقربه من دون مسّ،

الذي أحسن بلطفه كل شيء بدأه وأتقن صنع كل شيء أنشأه …

الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً


قال الله تعالى: (ومن أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) الإسراء: 19،

وقال عزّ وجلّ: (مَنْ كَانَ يُريدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُريدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ في الآخِرَةِ مِنْ نَصيبٍ (الشورى: 20،

وقال سبحانه وتعالى: (وَأَنْ لَيْسَ للإنْسَانِ إلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى (النجم: 39و04و41،

وقال جلّت قدرته: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ في الأيَّامِ الْخَالِيَةِ) الحاقة: 24،

وقال عزّ من قائل: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) الأنعام: 132،

وقال تبارك وتعالى: (وَمَا أمْوَالُكُمْ وَلاَ أوْلاَدُكُمْ بِالَّتي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا) سبأ: 37،

وقال جلّ وعلا وتقدّس: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون) الأعراف: 43،

وقال سبحانه وتعالى: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة: 17،

وقال سبحانه وتعالى: (نِعْمَ أَجْرُ العَامِلينَ الَّذِيْنَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) العنكبوت: 58 – 59،

وقال جلّت قدرته: (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كانُوا يَعْمَلونَ) الأنعام: 127


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا، مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. “صحيح مسلم

ما أَهْونَ الدُّنيا بِجِوارِ الآخِرَةِ! فَلا يُقاسُ فانٍ بِبَاقٍ.

في هذا الحديثِ يُخْبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يُؤتَى يَومَ القِيامَةِ بأَكثَرِ النَّاسِ كانَ يَنْعَمُ في الدُّنيا، وأَشدِّهم نَعيمًا في بَدنِه وثِيابِه وأَهلِه وسَكنِه ودابَّتِه وغَيرِ ذلك، ويَكونُ في الآخرَةِ مِن أهلِ النَّارِ فيُصبَغُ، أي: يُغمَسُ في النَّارِ غَمسةً واحدةً، ثُمَّ يُقالُ له بَعدَ هَذه الغَمْسةِ: هَل رَأيتَ خَيرًا قَطُّ؟ هَل مَرَّ بِك نَعيمٌ قَطُّ؟ فَيَقولُ: لا واللهِ يا رَبِّ، فتُنْسِيه تِلك الغَمسَةُ الواحدةُ كُلَّ نَعيمٍ ذاقَه في الدُّنيا، مهما طالَ عُمْرُه في نَعيمِ الدُّنيا، ومَهما تَمَتَّعَ بِملذَّاتِها، وشَهواتِها؛ فَكيفَ بِمَنْ هُو خالدٌ مُخلَّدٌ فيها أَبدَ الآبِدينَ؟!

ويُؤتَى يَومَ القيامَةِ بأَشدِّ النَّاسِ بُؤسًا مِن أهلِ الدُّنيا، في بَدنِه وأَهلِه ومالِه وسَكنِه وغَيرِ ذلك، وهُو في الآخِرةِ مِن أهلِ الجنَّةِ، فيُغمَسُ في الجنَّةِ غَمسةً واحدةً، فيُقالُ له: يا ابنَ آدمَ، هلْ رَأيتَ بُؤسًا قَطُّ؟ هَل مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قطُّ؟ فيَقولُ: لا واللهِ يا رَبِّ! ما مَرَّ بي بُؤسٌ قَطُّ ولا رَأيتُ شِدَّةً قطْ.

في الحديثِ: شِدَّةُ غَبنِ مَن يُؤثِرُ القَليلَ الفانيَ على الكَثيرِ الباقي.


ﺃﻗﻮﻯ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ :

حين قال ﺃﺑﻮ ﺫﺭ لبلال ﺣﺘﻰ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ﺗﺨﻄﺌﻨﻲ؟!

ﻓﻘﺎﻡ ﺑﻼﻝﻣﺪﻫﻮﺷﺎً ﻏﻀﺒﺎﻥ ﺃﺳﻔﺎً … ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻷرفعنك ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى الله عليه واله وسلم.

ﻓﺘﻐﻴﺮ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ واله ﻭ ﺳﻠﻢ ثم قال :

ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺫﺭ، ﺃﻋﻴﺮﺗﻪ ﺑﺄﻣﻪ؟! ﺇﻧﻚ ﺍﻣﺮﺅ ﻓﻴك ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ !!

ﻓﺒﻜﻰ ﺃﺑﻮ ﺫﺭ وقال:

ﻳﺎﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﻟﻲ. ﺛﻢ ﺧﺮﺝ ﺑﺎﻛﻴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ..

وأتى ابو ذَر ﻭﻭﺿﻊ ﺧﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ..

وقال ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻼﻝ ﻻ ﺍﺭﻓﻊ ﺧﺪﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺣﺘﻰ ﺗﻄﺄﻩ ﺑﺮﺟﻠﻚ

ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻬﺎﻥ !!

ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻼﻝ ﻳﺒﻜﻲ . ﻭﺃﻗﺘﺮﺏ ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﺪ

ﻭﻗﺎﻝ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺍﻃﺄ ﻭﺟﻬﺎ ﺳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺳﺠﺪة ﻭﺍﺣﺪة، ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺎ ﻭﺗﻌﺎﻧﻘﺎ ﻭﺗﺒﺎﻛﻴﺎ !!

ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺇﻥ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻳﺴﻲﺀ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ

ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻝ :

ﻋﻔﻮﺍ ﺃﺧﻲ عفوآ اختي.

ﺇﻥ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻳﺠﺮﺡ ﺑﻌﻀﺎ ﺟﺮﺣﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺪﺗﻪ ﻭﻣﺒﺎﺩﺋﻪ ﻭﺃﻏﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻼ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ ﻭﻳﺨﺠﻞ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ” ﺁﺳﻒ ” ..

ﺍﻹﻋﺘﺬﺍﺭ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺭﺍﻗﻴﺔ و خلق عظيم، ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻧﻬﺎ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ…

فلنعتذر ممن أسأنا اليهم

سامحوني


لا شيء يُريح القلب المُتعب أكثر من سماع قوله تعالى:’ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً’


من ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ الناس ﺫﻝّ

ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ماله ﻗﻞ

ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ علمه ﺿﻞّ

ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ نفسه ﻣﻞ

ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ فما ﺫﻝّ ﻭﻻ ﻗﻞّ ﻭﻻ ﺿﻞّ ﻭﻻ ﻣﻞّ


إنّ الفرق كبير بين الصورة والحقيقة.. بين الثرى والثريا.. بين التراب والتبر..

إنّ الفجوة عميقةٌ بين ما نحن عليه وما يجب أن نكون عليه..

إنّ مثل الثمار المصنوعة من الخزف تتراءى للناظر كأنها تفاح وبرتقال وعنب في لونها وشكلها ولكن أين الصورة من الحقيقة وأين طعم هذه الثمار ورائحتها؟! إنها ليست إلا للزينة أو المثال …

وفي المتاحف نرى السباع المخيفة والطيور الجارحة لكنها جثثٌ هامدة لا حراك بها أو أجساد ميتة محشوةٌ بالليف والقطن ليس فيها رمق من الحياة وقوةٌ تهجم بها وتصول… حتى لا تحس منها من أحد ولا تسمع لها رِكْزاً.

وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة في ( من كل بستان زهرة)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى