من كل بستان زهرة

من كل #بستان #زهرة

ماجد دودين

حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات، فساعة فيها يناجي ربه، وساعة فيها يحاسب نفسه، وساعة فيها يفضي إلى إخوانه الذين يصدقونه عن عيوب نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن في هذه الساعة عونا لتلك الساعات وإجماما للقلوب.


الدنيا تطلب لثلاثة أشياء: للغنى، والعز، والراحة، فمن زهد فيها عز، ومن قنع استغنى، ومن قل سعيه استراح.


أيامك ثلاثة، يومك الذي ولدت فيه، ويوم نزولك قبرك، ويوم خروجك إلى ربك، فياله من يوم قصير خبئ له يومان طويلان.


من جرعته الدنيا حلاوتها بميله إليها، جرعته الآخرة مرارتها بتجافيه عنها.


هذه الدنيا وإن ســـــــــــرّت قليلا من قليل
إنما العيش جوار اللـــــــــــه في ظل ظليل
حيث لا تسمع ما يؤذيــــــــك من قال وقيل


قال صلى الله عليه وسلّم: ((واللَّهِ ما الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ ما يَجْعَلُ أحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هذِه، وأَشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ، في اليَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعُ؟)) صحيح مسلم
الدُّنيا لا تُساوي شيئًا إذا وُضِعَت على سبيلِ المُقارنةِ بالآخرةِ؛ فهيَ دارُ عملٍ واختِبارٍ، يَعيشُ فيها الإِنسانُ مَرحلةَ ذلك الاختِبارِ، وَليس عُمرَه الحَقيقيَّ، فذاك في الآخرَةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم باللهِ أنَّ مَثَل الدُّنيا في جَنبِ الآخرَةِ، والنَّظرِ إليها مَثَلُ ما يَجعلُ أَحدُ النَّاس إِصبعَه في البَحرِ، فلْيَنْظرْ بِمَ يَرجعُ، وَمعناه: لا يَعلَقُ بإصبَعِه كثيرُ شيءٍ منَ الماءِ، وَمعنى الحَديثِ: ما الدُّنيا بالنِّسبةِ إلى الآخرَةِ في قِصَرِ مُدَّتِها، وفَناءِ لَذَّاتها، ودوامِ الآخرةِ، ودوامِ لذَّاتِها ونعيمِها، إلَّا كنِسبةِ الماءِ الَّذي يَعلَقُ بالإصبَعِ إلى باقي البَحرِ.


عيسى عليه السّلام: من ذا الذي يبني على موج البحر دارا؟ تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا.


لما تُؤذن الدنيا به من شرورها يكون بكاء الطفل ساعة يوضَعُ
وإلا فما يبكيه منها وإنها لأفسح مما كــــــان فيه وأوســــــــــع
إذا أبصر الدنيا استهلَّ كأنه يرى ما سيلقى من أذاها ويسمـــع


أَخٌ طاهِرُ الأَخلاقِ عَذبٌ كَأَنَّهُ جَنى النَحلِ مَمزوجاً بِماءِ غُمامِ
يَزيدُ عَلى الأَيّامِ فَضلُ مَوَّدَةٍ وَشِدَّةُ إِخلاصٍ وَرَعيَ ذِمـــــــامِ


قال صلى الله عليه وسلّم: ((إنَّ لِكُلِّ دينٍ خُلُقًا، وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ))
الحَياءُ من أجلِّ مَحاسنِ الأخلاقِ وزِينتِها، وفي هذا الحديثِ عن ابنِ عبَّاسٍ رَضي اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “إنَّ لكلِّ دِينٍ خُلُقًا”، أي: طَبْعًا وسَجيَّةً شُرِعَتْ فيه، وخُصَّ أهلُ ذلك الدِّين بها وكانت مِن جُملةِ أعمالِهم الَّتي يُثابون عليها، ويَحتمِلُ أنْ يُريدَ سَجيَّةً تَشمَلُ أهلَ ذلك الدِّينِ أو أكثَرَهم أو تَشمَلُ أهلَ الصَّلاحِ مِنهم، وتَزيدُ بزِيادةِ الصَّلاحِ، وتَقِلُّ بقِلَّتِه، “وإنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحَياءُ”، أي: الغالِبُ على أهلِه ذلك، كما أنَّ الغالِبَ على أهلِ كلِّ دينٍ سجيَّةٌ مِن السَّجايا، والحياءُ يَختَصُّ بأهلِ الإسلامِ؛ لأنَّه مُتمِّمٌ لِمكارِمِ الأخلاقِ، وبالحياءِ يَتِمُّ قِوامُ الدِّينِ وجَمالُه، ولَمَّا كان الإسلامُ أشرَفَ الأديانِ أعْطاه اللهُ أسنَى الأخلاقِ وأشرَفَها وهو الحَياءُ. والفرقُ بين الحياءِ والخجَلِ: أنَّ الحياءَ صِفةُ كَمالٍ للنَّفسِ، يَجعلُ الإنسانَ دائمًا في رِفْعةٍ عن الدُّنيا، غيرَ مُنكسِرٍ لباطِلٍ، وأمَّا الخجَلُ فهو صِفةُ نَقصٍ، يَمنَعُ الإنسانَ عن إتمامِ واجِباتِه والقيامِ بها على الوَجهِ الأكمَلِ.


القناعة دليل الأمانة، والأمانة دليل الشكر، والشكر دليل الزيادة، والزيادة دليل بقاء النعمة، والحياء دليل الخير كله.


تبصّر في نفسك
يا من نسي العهد القديم وخان، من الذي سوّاك في صورة الإنسان؟
من الذي غذّاك في أعجب مكان؟
من الذي بقدرته استقام الجثمان؟
من الذي بحكمته أبصرت العينان؟
من الذي بصنعته سمعت الأذان؟
من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان؟
من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان؟
من الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران؟
إلى كم تخالفني وما يصبر على الخلاف الأبوان، وتعاملني بالغدر الذي لا يرضاه الإخوان، وتنفق في خلافي ما عز عندك وهان، ولو علم الناس منك ما أعلم:
ما جالسوك في مكان، فارجع إلي في ذلك فأنا المعروف بالإحسان


إذا كثرت الهموم وتزاحمت الغموم وادلهمت الخطوب فتدبّر هذه الرسالة الربانية من أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأعلم العالمين: “وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ”


تَغَرَّبْ عَنِ الأَوْطَانِ فِيْ طَلَبِ العُلَى
وسافِرْ ففي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِـدِ
تَفَرُّجُ هَـمٍّ، واكتِسَـابُ مَعِيْشَـةٍ
وَعِلْمٌ، وآدابٌ، وصُحْبَـةُ مَاجِـدِ
فإن قيلَ في الأَسفـارِ ذُلٌّ ومِحْنَـةٌ
وَقَطْعُ الفيافي وارتكـاب الشَّدائِـدِ
فَمَوْتُ الفتـى خيْـرٌ له مِنْ قِيامِـهِ
بِدَارِ هَـوَانٍ بيـن واشٍ وَحَاسِـدِ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى