الجندرية والصرخة التي لا تُصم / شيرين أحمد سليمان

الجندرية والصرخة التي لا تُصم
شيرين أحمد سليمان

حقيقةٌ يغفل عنها المجتمع بأكمله، مستمدةٌ من هيمنةِ أشباه الرجال على ما هو أضعف منهم، ليست بداية ولا نهاية ولا قصّة ولا رواية ولا جزءٌ من حكاية، خلايا مكدّسة بالأوجاع حياةٌ قاسية ومجتمعٌ قهري، ولكنّنا نقول لعلها تُحَل، ننظرُ إلى الأملِ من خلالِ غرفة بل ثقبة حالكة السواد، نقوم وننكسر ونُحاول فننكَسِر مرّة أخرى ونصبح مهمشين لا نعرِف أين نذهب في متاهةٍ مليئةٍ بأشباه الرجال، نقِفُ حائرين وأسئلة كقطعُ السكاكين تُغرسُ في كلِّ جال وحين، آلام وآلام لا زمانٌ راضٍ ولا مُستقبلٌ يُرضِي غضبٌ وتآكل في كلِّ مكان، أين نحن من هذا الزمان ؟ وأين الزمان من هذا العنوان ؟

بات القلبُ في غصّةٍ كبرى لكدمات هذا الجسد، نَرَى ونصمت، نشهَقُ الأنفاسَ ونحبِسها ويتغلل الوجع، في أيِّ حقٍّ نطالب؟ أَنطالبُ بالحريةِ أمِ المساواة أم الأمل أم الحقيقة أم ما أُكلَ من ميراثٍ أم علمٍ أم غيره؟ لا تسعفني حروفي لتغذيةِ هذا المقال.
مغفرةٌ لا تُعدُّ مغفورة، الجرحُ قد غُرِس وندبة تركتها هذه الجروح، والرّوح تَصرُخ بحرقةٍ وأُلحِقتْ من الألمِ ما يكفي أين أنتم عن هذا ؟
أين أنتم عمّن وضعَ ندوباً في قلبِ كائن كلّه شعور؟ أين أنتم عمّن ظَلَمَ وظُلِمْ وقَتَلَ وقُتِلْ وضَرَبَ وضُرِب وحَرَمَ وحُرِمْ وجَرَح وجُرِح ؟ أين أنتم عن زمانٍ أصبح فيه ضَرْبُ الإناث عادة ؟
كيفَ حالُ قلوبِهن وأنفسهن وحياتهن من هذا من تفاصيل بكائهنَّ وفجواتهن المُعتمة مما في محراب ذاكرتهن واحتراقهن الداخلي وخطوات ألمهن ؟ كيف حالهن من ظلام استوطن شهقاتهن الأخيرة ؟ وُلِدن أحراراً لكنّهن قُيِّدن بالأغلال من كلِّ مكان، وتموتُ البراءة وتتساقطُ الأنفاس وتُجهضُ الأحلام فيجدُ الجسد أجزاءه وحيدة عاجزَة عن صرخة.
أين نحن من زمان تطاول أشباه رجاله على كيان خُطِفت براءته؟ أين المجتمع عن صرخات لا تُصم ؟ تبّاً لاحساس معدومٍ مؤازرٍ لايقوى على شيء.
أين كياننا عمّن تطاول على والدته، عمّن يخون زوجته ، عمّن يسرق ويتحرش ويظلم ويقهر، عارٌ على زمانٍ تموت فيه أنثى بحجةِ غسل ذنب يُقال بأنّها اقترفته، ماذا نفعل لنصد من يتطاول؟ هل هناك ما هو أكثر بذاءةً مما نحن فيه ؟

وفي ختامي أرى أنّ الأنثى قضية من أهم القضايا المُقدمة على غيرها، والشائعة في مختلف المستويات الدولية والوطنية، وهذه القضية لا يُسكتُ عنها، فنهوض القاعدة القانونية مرهون بوجودها؛ ليحفظ حقوقها من أقرب مدمريها، ومن المعروف أن العائلة هي بناةُ أفرادها إلّا أنّني أرى في بعض الأحيان أنّها المدمّر الأوّل للإنسان ومقبرة لدفن أحلام الفتيات وجميعنا نخجل من قول ذلك .

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى