مع المعلم ، لأنك تشبهنا !

مع المعلم ، لأنك تشبهنا !
د. محمد شواقفة

اختلط الحابل بالنابل ما بين مؤيد لاعتصام المعلمين و انتصر لمطالبتهم بحقوقهم و استنكر تعامل الحكومة بالعقلية القمعية التي لا يقرها عاقل و ضربت بعرض الحائط كل اساسيات المنطق و الاحترام. و ما بين معارض آثر ان يتبنى موقف الحكومة بالضرب بيد من حديد في مبدأ مساواة العبيد. فالكل يجب أن ينال قسطه من الذل و الاهانة و العذاب لا فرق بين مواطن و آخر و عالسكين يا بطيخ !! و لكن لفت إنتباهي مجموعة لا رأي لها فهي مجموعة لا لون و لا طعم و لا نكهة لها و كأن ما يحدث ليس شأنا أردنيا و لا علاقة لهم به !!! نشاهد نقابة منتخبة يتم الزج باعضائها كلهم في المعتقل بعد اغلاق نقابتهم بالشمع الاحمر و يتم استقبال الهيئة العامة في شوارع العاصمة بالهروات في مشهد يندى له الجبين. و للأسف أن إعلامنا بكل أشكاله تقريبا مع استثناءات تكاد لا تذكر وضع ذيله بين فخذيه و نام و كأن شيئا لم يكن. و شهدنا جميعا مؤتمرات من النوع الفاخر يتحدثون عن مصيبة العصر بحالات التسمم الغذائي التي داهمت الحكومة التي اعطت اوامرها بقمع المعتصمين و سحلهم في شوارع عمان التي يزورها اغلبهم لاول مرة في حياته.

المؤتمر الصحفي لم يتحدث عن المعلم و اعتصامه و قمعه بالقوة و لا عن اعداد الذين تم حجزهم و اعتقالهم ناهيك عمن خرج بخفي حنين و هو يركض في شوارع عمان الغربية بين الفلل و القصور و لا يجد أي ملجأ ليختبئ من مطارده يلوح بالهراوة.

تراكض المعلمون ذكورا و إناثا و بثوا الحياة في تلك المنطقة الخالية من السكان يهتفون بكلمات لا يريد أن يسمعها أحد و يطالبون بكف يد اللصوص عن رغيف خبزهم. و كم كان مثيرا للسخرية و الحزن أن تشاهد المعتصمين يهتفون ” حرية حرية “و أفراد القوى الامنية يجهزون الهروات قبل أن تبدأ المطاردات.

ما الذي فعله المعلمون لكي يتم التعامل معهم بهذه الطريقة الهمجية و التي لا يبررها عاقل او صاحب حكمة و رؤية؟!. و نتسائل ما هو الخطر من تواجد كل معلمي الاردن لسويعات قليلة يهتفون بسلام و يحاولون ايصال صوتهم لمن كان وزيرا بينهم قبل أن يصبح صاحب الولاية؟!. ما الذي فعله المعلمون لكي يتم معاملتهم بهذه الفوقية و الاحتقار ؟! . هؤلاء المعلمون لا يخجلون من عملهم و لا يعتبرونه منة او تفضلا و هم فعلا لا يسألونكم مكارم أو منح و من الواضح أن هناك من يرغب بتأزيم الأمر و اخراجه عن السياق.

تعلن الحكومة بأنه سيكون هناك انتخابات نيابية و ترسم لنا خارطة طريق نحو حرية التعبير و نيل الحقوق في نفس اليوم الذي تعتقل هيئة منتخبة من مئات الالاف من المعلمين و تغلق مقارها و تصادر حقوقها المشروعة و في نفس اليوم تحجب خدمات الاتصال و البث و تمنع النشر او التعليق و تطال باياديها كل من تسول له نفسه بالكلام او الاعتراض.

مفارقة عجيبة أنه تم منع الضرب في المدارس و يتحمل المعلم وزر هذا التصرف و لكنه يتم ضرب المعلمين في الشوارع و بالهروات.

في لحظة يتم اهانة المعلمين و كل مكونات الوطن بهذا الشكل المقزز يجتمع شمل الحكومة تبحث عن معلم الشاورما الذي تسبب في فجيعة مئات الجائعين بإطعامهم وجبات فاسدة.

نحن لسنا مع المعلم اعتباطا، نحن مع ما يشبهنا و من يعيش و يلبس و يمرض و يأكل و ربما يموت مثلنا. الاعتصام مشهد حضاري للتعبير عن حالة السخط و عدم الرضا و الذي تسببت به حالة الاستقواء الحكومي على كل فئات الشعب و سوء ادارة الازمات التي لا تنقطع في ظل هذه الحكومة الفاشلة.

” # دبوس على معلم الشاورما ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى