هواجس ذات صباح…                     

#هواجس ذات صباح…                                                                

سناء جبر   

      تستيقظ باكرا مع زقزقة العصافير التي تعلن بدء ميلاد جديد… ميلاد يوم مليء بالعمل والعمل والعمل، كما يفترض به أن يكون مثاليًا خُلوًا من أيّ خطأ ، صغيرًا كان أم كبيرًا… نقيًا صافيًا لا تشوبه شائبه ولا تعكر صفوه زَلة ولا تكدّر ماءه تقطيبة وجه أو حتى كشرة… ليكون مآله إما إنجازًا أو إخفاقا ؛ فالمنجز مستمرّ في طريقة سعيد بعمله قد يكون مهتمًا بمن حوله وقد لا يكون…لا تغرّنّك صورهم ووجوههم؛ فمنهم من تملأ السكينة فؤاده ومنهم من يتقلب على جمر الألم لسبب ما لا نعرفه، يلمع براقا من حولنا لكنه يذوب ويشتعل احتراقا… قلبه ذوى لانتظاره أمرًا ما ولم يظفر به لا لشيء إنما لأن حياتنا وآمالنا ورغباتنا إنما هي بإذن واحد أحد. وليس لنا إلا التسليم بمشيئة الله مقرونًا بالسعي والدأب.

      أما ذاك المخفق فحزين يحاول ويسعى ويجدّ ويمضي قُدُما آملًا الخير من ربّ رحيم … وقد وقد… غير مدرك ولا واعٍ أنها من رب العالمين تقدير.. لا لنقص اعتراه في دينه وعقيدته إنما لأن رغبة ما مشتهاة تلح عليه فلا يستطيع منها فكاكًا. هل يقعد وينزوي؟ أبدًا، لن يفعل… إذ تراه دوما ساعيًا كالنحل بدءًا من طلوع الفجر وحتى صياح الديك، يحدوه أمل بالحياة ما استطاع إليها سبيلًا. إنه يلقي بجسده خائر القوى لعله يحظى براحة أبدية وسعادة مشتهاة … فيأبى العقل إلا أن ينشغل ذهنه شطرين: بما سيأتي من خيبات فيرتجف بدنه ويبكي محترقا وبما يسنجز فرحا فيرقص قلبه طربا …

     أما الصنف الثالث من البشر فهو ذاك الذي يتأرجح بين الحالين… فهو بين بين، معلق في المنتصف لا طال سماء ولا استقرت قدماه على أرض… يحتاج من يرشده ويدلّه ويمسك بيديه فيخطو خطوات ثابتة نحو في الطريق السوي السليم. ومن أين لنا بهذا الناصح الصادق الذي يتمنى الخير لغيره كما يتمناه لنفسه؟؟؟ سؤال ينكأ جراحًا قديمة موجعة… واندمالها وطي صفحاتها يبقى الحل الأمثل في محاولة عبثية للنسيان والخروج بأقل الخسائر من حروب مشحونة بخيبات أمل بمن بنيا ورسمنا لهم سقفا عاليا جدا للتوقعات وقد تبين أنهم غير أهل لها، إنما هم أبعد ما يكونون عن استحقاقه… ولم يكن السبب في ذلك إلا غشاوة ارتسمت على الأعين وضللت الطريق والهدف  فكانت السقطة قاتلة… وكانت الكبوة بحجم الدنيا ، أما الدرس الذي تعلّمناه  فكان قاسيًا مريرًا.

        وعلى هذا نحن البشر… نسير، معلقين بين خيبات وانكسارات وبومضات تؤذن بفرح مؤجل لكنه في النهاية فرح منتظر مأمول مشتهى تتعلق به القلوب التي في الصدور وترنو إليه العيون.

      أخيرًا… يغلق عينيه تعبأ عن دمعة أبت إلا أن تفر من مقلتيه معلنة عن جسد تحطم وآمال عريضة هناك تتخذ لها حيزًا وتتربع على عرش الانتصار…

      كلنا هو وهو كلنا، ننام لنحلم بالغد الآتي ولو عنوة ونرتعش خوفا وبردا من أشواك تترصد وعيون ذئاب تلمع لكن حب الحياة ينتصر وتتفوق الآمال والأحلام على كل خوف وألم. أما من يقول لك: اتبع شغفك! فتأكد كل التأكد أنه يقدم نصائحه ويلقي بها في الطريق جزافا دون درس وعناية… الشغف وحده لن يكون مطلقًا الخلطة السرية لتحقيق النجاح… الصدق أولى وأبقى وأكثر منطقية … اصدُق نفسك وصدٌق قلبك وعقلك معًا ، فهما ينبعان من داخلك ولن يخذلاك كما يفعل معك من تربع على عرش قلبك عمرًا خانه ذات التفاتة ظهرفمكسبه أولى وأوجب من كل لحظة صدقته فيها شعورًا.

    نعم، إنه الأمل… وصفة النجاح التي تكسب الرهان دوما… لم تخسر قط ولن تسقط أبدًا..  الأمل ، لولاه لانكسرت الأرواح وتهشمت.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى