معاني في الزرقاء / جروان المعاني

معاني في الزرقاء

بعيدا عن اهمية زيارة اردوغان للاردن في الايام القادمة، وبعيدا عن كوني معاني كثير التنقل في سكنه بين محافضات المملكة، ليجبرني غلاء المعيشة للاستقرار في مدينة الشرق التي نهبها من بناها، وهي مدينة اجمل ما فيها انها قادرة على قبول كل الاطياف، وبعيداً عن الغلاء وفكرة بيع صوتي في لانتخابات القادمة، فاني ادعو الله ان ينجينا من القادم.
مرة اخرى كان لامتناع شرائح عريضة من الاردنيين التوجه لصناديق الاقتراع، وقدرة الاخوان على تحريك كوادرها سبباً لنجاحهم في اكثر من محافظة، ولعل الوجوه القبيحة التي افرزتها التجارب السابقة في الانتخابات هي السبب وراء عزوف ما يسمى بالاغلبية الصامتة من المصوتين، ففازت اقلية حزبية على مجموعات عشائرية وهذا ابدا لا يعكس معنى الديمقراطية.
الحكومة بكل اجهزتها الاعلامية وغيرها لم تنجح في اقناعي وغيري من التحرك باتجاه الصناديق وهو عجز مرده اقتناع الموطن انه لا جدوى من العملية الانتخابية ولا رجاء في التغيير، بل ان مثلي يفضل ان يتم تعيين رؤساء البلديات من مهندسين لهم خبرة ويتوسم فيهم ان لا تكون ايديهم طويلة جداً على المال العام، وهنا يأتي السؤال عن مجالس المحافظات وقدرتها على فعل شيء.
عالم مجنون هو عالم الفقر وعالم انتهازي يصل لدرجة الحقارة هو عالم المال الذي يبتز حاجة الفقراء، وكل منهم يرتكب خطيئة التنازل عن احترام الذات والعملية الديمقراطية، وقد تجلى ذلك بافرازات سنرى الضرر منها قريبا مع عدم التعميم على كل الفائزين.
كان لنجاح الحكومات باقصاء وتهميش اصحاب القلم والفكر في توجيه الناس اثر واضح في الاحجام عن مشاركة فئات واسعة بالعمل العام، حيث الوجوه التي تتصدر الاعلام هي نفس الوجوه التي لا يصدقها الناس، وهنا ساورد مثالا بسيطا على فقدان الناس الثقة بمن اعتبرتهم في لحظة من اللحظات رموزاً حيث حصدوا اعداد مهولة من الاصوات بوقت الانتخابات النيابية، فالدكتور محمد نوح مثلا دعا وبشكل واضح لانتخاب احد المرشحين لبلدية الزرقاء، لكنه اخفق في اقناع الناس بافضلية من دعمه، وهذا مؤشر واضح لتراجع شعبية النائب نفسه.
انا هنا لست بمعرض التعرض للاخوان المسلمين بالسوء ولا غاية لي بتجريح اشخاص بعينهم، ولكن من معرفتي بطرق عملهم فاني لا اعتبر وصول ممثلهم في الزرقا مثلا (علي ابو السكر) نجاحا لفكر الاخوان بقدر ما هو تراجع للشريحة الاوسع المعارضين لكل ما يأتي من الحكومة والاخوان معاً، واكبر دليل على ذلك هو النسبة المتدنية للمشاركين وهو امر يتطلب من الدولة اعادة حساباتها في كل ما يتعلق بعلاقة المواطن مع الوطن، وبعيدا عن المزاودات والاختباء خلف القصر ممثلاً بجلالة الملك, والتي كثيرا ما دفعت امثالي للابتعاد عن اعراسها الوطنية حيث يظهر كل مخالف وباحث في فسادها (اي الحكومة) وكأنه معارض للنظام.
استطيع تفهم ما افرزته معان والطفيلة والكرك والمناطق ذات الصبغة العشائرية، واستطيع استيعاب عزوف الناس عن المشاركة الفعالة في الانتخابات، لكن ما لا استطيع فهمه هو عدم مبالاة الحكومة بتدني نسب المشاركة، وهنا اود طرح سؤال في ظاهره ساذج ومفاده هل سيكون لعودة الاخوان للواجهة دور في تصحيح المسار ام سيستغل وجودهم في لحظة ما لخلق الفوضى الخلاقة اسرائيليا وامريكيا؟، ولعلي هنا ابالغ لكنه خوف من مستقبل لا ندري ملامحه، خوف من عدو بالتاكيد هو لا يريد لنا الخير، فماذا سنخبرهم ان سألونا عمن حضر جنازة الزرقاوي وصار رئيس بلدية لمدينة تعد من اهم مدن الاردن؟، بماذا سنجيب ان عادوا وانقلبوا علينا كما انقلبوا على القرضاوي وقطر؟، لعلها اسئلة تشي بان القادم سياسيا سيكون اسوأ بكثير من نتائجه الاقتصادية، ولن نلتفت ابدا لحجم الخلاف على الارض بين المرشحين وانصارهم .!
المقطع الاخير هو ما دفعني للحديث عن الانتخابات ونتائجها، عدا عن عدم اقتناعي بالاخوان كتنظيم سياسي يلبس ثوب الدين ليحقق اهدافا دنيوية، وسيكون يوما ما حجة علينا ولعلي هنا اغضب فئة من الناس مقتنعون باننا نعيش بوقت (القابض فيه على دينه كالقابض على جمرة) هكذا ببساطة سيرجمني من لا يعجبه موقفي وموقف المعارضين لفوزهم، وهنا لن ادافع كثيرا عني وعن غيري فقط ساقول قد جربناكم من قبل ووجدناكم تميلون حيث تميل الحكومات، فلا خير يرتجى منكم، حتى على صعيد الخدمات، والحد من الجهوية ومحاباة فئة على حساب بقية الفئات .والله ثم الوطن من وراء القصد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى