كاتبة أمريكية .. ما لا تعرفه عن حظر التجوال الصارم بالأردن

سواليف
كتبت الكاتبة الأمريكية دايل غافلاك والمتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والمقيمة بالأردن ، في صحيفة VOA الأمريكية مقالا ترجمه موقع عربي بوست تحت عنوان … ما لا تعرفه عن حظر التجوال الصارم بالأردن

أكتب هذا من بين جدران شقتي الواقعة بالطابق الثالث وتطل على ما كان عادةً أكثر الشوارع الترفيهية ازدحاماً في العاصمة الأردنية عمَّان، شارع الرينبو. وعادةً ما كان الشارع يعجُّ بالشباب والعائلات الأردنية وكذلك الأجانب الراغبين في تحسين مهاراتهم في اللغة العربية في واحدٍ من البلدان القليلة المتبقية التي لم يطلها العنف الناتج عن الربيع العربي في الشرق الأوسط.

كانت الحشود في العادة تملأ جنبات الطريق بحثاً عن شطائر البرغر الشهية أو الفلافل أو الفطاير ، وهي مخبوزات تتكون من عجين رقيق يُغلِّف مادة حلوة أو مالِحة الطعم. وهناك مقاهي للشيشة تستطيع الجماهير الرياضية المتحمسة أن تشاهد فيها آخر المباريات على شاشات ضخمة. وفي بعض الأحيان، يعزف موسيقيّ الشارع ألحان غيتاره، فيما يعرض أحد اللاجئين على المارة رسم تاتو قابل للإزالة على أيديهم.

لكنَّ هذه الحشود المتنوعة اختفت. وبدلاً من ذلك، باتت أصوات السرينات تقطع هذا الصمت السائد بين الحين والآخر. ويمكنني أن أرى قافلة من المركبات، تضم سيارات إسعاف ومدرعات الهامفي العسكرية، تجوب الشارع وتحذر الناس بالبقاء في منازلهم. لا تخرجوا إلا في حال الضرورة الطارئة، وإلا فإنَّكم تخاطرون بتعريض أنفسكم للتوقيف من جانب الشرطة والسجن لمدة عام.

أرسل لي صديقٌ مقطع فيديو طويل لإحدى عمليات التوقيف. إذ أوقف الجيش مواطناً أردنياً كان يقود سيارته. نادى الجنود المواطن باللغة العربية وسألوا: “ماذا تفعل في الشارع؟”. وحين لم يقتنعوا بالتبرير، وجَّهوا الرجل بالدخول إلى سيارة شرطة مُنتظِرة.

وقالت صديقة أخرى إنَّ رجلين يسكنان البناية التي تعيش بها سئموا من الحبس بالبيت وأرادوا استنشاق بعض الهواء النقي، لذا نزلوا ووقفوا بالخارج. وتعيش بعض الأسر الكبيرة في أحياء صغيرة جداً. قرَّر الرجلان بعد ذلك تحريك أرجلهم بتمشية صغيرة. لكنَّ هذا كلَّفهم التعرُّض للتوقيف والسجن مدة سنة. وحتى الآن، أُلقي القبض على مئات الأردنيين لخرقهم حظر التجوال.

نعم، لقد فرض هذا البلد الذي يقطنه 10 ملايين نسمة واحدةً من أكثر عمليات الإغلاق على الصعيد الوطني صرامة في العالم من أجل محاربة فيروس كورونا. ولم يقتصر العزل على سكان مدينة أو منطقة واحدة فقط، أو على أولئك الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة بالفيروس. بل طُبِّق على الجميع، باستثناء عدد مُختار من مسؤولي الحكومة والجيش والعاملين بالمجال الصحي.

والآن قد أُبلِغنا بأنَّ حظر التجوال المستمر على مدار الساعة، والذي بدأ بإطلاق صافرات الإنذار المخصصة للتحذير من الغارات الجوية، سيُمدَّد إلى أجلٍ غير مسمى على أمل تقليل الاختلاط بين الناس وإبقاء عدد الإصابات بالعدوى منخفضاً.

بدأ الأردن عملية إعادة فتح محدودة للبقالات الصغيرة في الأحياء والسماح للأشخاص بين 16 إلى 60 عاماً بالخروج من منازلهم سيراً على الأقدام للضرورة، مثل شراء المواد الغذائية. ومن المُفترَض بدء خدمة التوصيل للمنازل. لكنَّ حظر التجوال مستمر من الساعة السادسة مساءً وحتى العاشرة صباحاً. الأمر المثير للاهتمام هو وجود عدد قليل جداً من الناس في الشوارع حتى بالرغم من التخفيف البسيط للقيود.

وعلى الرغم من صرامة الإجراءات وتساؤلنا بشأن التأثير النفسي الذي قد تتركه في حال تمديدها لفترة أخرى، فإنَّني أُقدِّر ما تقوم به الحكومة لحماية ليس فقط مواطنيها –الذين ينحدر عدد كبير منهم من أصول فلسطينية- بل وكذلك مئات الآلاف من اللاجئين السوريين والعراقيين واليمنيين والسودانيين الذين تستضيفهم، فضلاً عن الأجانب أمثالي.

وعلى الرغم من الاعتقالات، أشاد رئيس الوزراء عمر الرزاز بالمستوى العالي لامتثال الجمهور لحظر التجوال الوطني. وقال إنَّ الحكومة تعمل على التوصل إلى طريقة لتوصيل السلع الأساسية والأدوية للناس في الفترة المقبلة.

وطمأننا الرزاز أنَّ المواد الغذائية الأساسية والاحتياطات النفطية متوفرة لتلبية احتياجات الجميع. وبدأ التعلُّم عن بعد كذلك عن طريق منصة التعليم الإلكتروني التابعة لوزارة التربية والتعليم تحت اسم “درسك”، إلى جانب ثلاث قنوات مُخصَّصة لذلك على التلفزيون الأردني.

في هذه الأثناء، كنتُ أتساءل عن كيفية التخلص من القمامة، التي يجري إلقائها عادةً في مِكبَّات مُخصصة في الشارع، دون المخاطرة بالتعرُّض للاعتقال. وأرسل لي صديقٌ مقطع فيديو مضحك لمواطن أردني يتظاهر بالركض بسرعة كبيرة في الشارع كما لو كان في مباراة كرة قدم ثُمَّ يلقي كيس القمامة في صندوق القمامة كما لو كان لاعب كرة سلة. لكنَّني لستُ متأكدةً من أنَّ بإمكاني النجاح في عمل ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى