باطفي من حاله / جمال الدويري

باطفي من حاله …
…وأخيرا, أبناء وطني, تستطيعون ان تناموا ليلكم الطويل, وتفرحوا للمفاعل النووي الأردني, وتقيموا حلقات الدبكة والدحية. لا بل…”وتحطوا ببطنكو بطيخة صيفي” وتتوقفوا حتى عن التفكير به, لأن هناك من يفكر لكم.
وذلك بعد ان كشف خالد طوقان, رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية, اليوم, أسرارا خطيرة وقيمة, كنا نجهلها ولا تخطر ببالنا, وكيف لنا ذلك, ونحن معشر زبالين وجهلة, على حد قول علّامة العصر, ذات نوبة عصبية.
أكد خالد طوقان للأردنيين, بأن موديل المفاعل النووي الأردني القادم, هو من النوع الآمن جدا, وحتى انه “باطفي لحاله” عند أي طارئ, لا سمح الله. يعني ما ظل في داعي للقلق أبدا. وكأن معاليه, قد نسي ان سخان الماء الكهربائي البيتي, باطفي لحاله هو الآخر, عند التعرض لشحنة زائدة من الكهرب.
وبالنسبة لمسألة حاجة المفاعل للماء, ومع فقرنا المائي المزمن, فهي ايضا محلولة ومقدور عليها, حيث ان مفاعلنا, كما جاء على لسان صاحبه, من النوع الذي تبرّده, دورة تبريد مغلقة, شبهها طوقان بنظرية “رديتر السيارة” حيث يحتاج لكمية قليلة من الماء, تبقى نفسها, مع بعض الفاقد الذي يضاف بين الحين والآخر, وبعدين مفاعلنا سوف يصهد من مياه الخربة السمرا المكررة, ليس الا.
وعلى مبدأ توزيع الأدوار, تناوب علينا خالد اينشتاين, ولانا القسوس, خبيرة النووي الجديدة, بعد اسبوعين من السياحة الاعلامية في الاتحاد الروسي, على حساب ميزانية المشروع النووي الأردني, صباح هذه الجمعة, وعلى الشاشة الوطنية, وفي برنامج “لم يسعد صباحنا”, بفيض من المعلومات “البايته” جدا والتي يعرفها كل من يهمه ولا يهمه الأمر.
لانا القسوس مبتسمة, مخاطبة خالد طوقان: معاليك, انا كنت من الأول مع بناء المفاعل الأردني, لكن زميلي خلدون, كان ضد, بس بعد ما شفنا المفاعل بروسيا, قال: لازم نبني المفاعل, اليوم قبل بكره.
تابعت لانا عن تجربتها الروسية النووية: مفاعل آمن, من طراز, فيفر الف, اجراءات سيكيوريتي عالية, حتى على الموظفين, وتفتيش متكرر, خوذة راس وجاكيتات خاصة, وأبواب قوية محكمة الاغلاق.
وتجولت لانا يورانيوم, في محطة (روستوف) النووية في مدينة (فولغودونسك) الروسية, ومن ثم في المدينة نفسها, وقابلت ثلاثة من المواطنات الروسيات اللواتي أكدن أنهن يعشن وعائلاتهن, بشكل طبيعى وبلا خوف ولا وجل, وأن الوضع بالقرب من المفاعل النووي, تمام التمام. طبعا لم تنس لانا, الحديث عن المساحات الخضراء وملاعب الأطفال, وشاهدنا في الصورة كلب أبيض جميل, وأجهزة قياس الاشعاع المنتشرة في الشوارع, وخلافه, مما يؤكد على أن الناس هناك بنعيم وطمأنينة.
وتقول لانا: كل الشوارع والمحلات هناك مضاءة 24 على 24, كأنها تعني, ان الكهرباء النووية, مرمية بالشوارع, بسبب رخصها.
كما وزارت عائلة روسية في المدينة, وتناولت الحلويات عندهم, وشقراء روسية أخرى, والذين أكدوا جميعا وبلسان واحد, أنهم في أحسن حال وصحة وهدوء بال, في جوار المفاعل العملاق.
أما رئيسة المدينة (روزميلا تكاتتينكو), التي تحدثت معها لانا, فقد أكدت هي الأخرى ان الوضع آمن, وأن الدفاع المدني في المدينة, يجري تدريبات شهرية مع المواطنين, للإخلاء والسلامة العامة, ومعرفة مواقف باصات الإجلاء ووجهتها, مما يؤشر على انعدام الخطر وانتفاء الحيطة والخوف من طارئ.
وتؤكد مبعوثة التلفزيون الأردني في نهاية رسالتها التطمينية للشعب الأردني: وبعد مشاهداتي في روسيا, ان معظم المعلومات التي تصلنا عن خطر التقنية النووية غير صحيحة. وربما لم يتخزّن في ذاكرتها الفتية, ما حصل في مفاعلي (فوكوشيما) و (تشرنوبيل), ذاكرة ان عدد قتلى الحوادث النووية السلمية في نصف القرن الماضي, في العالم, لم يتجاوز المئة شخص فقط, وليت المذيعة المحترمة, عرّجت على أنقاض تشيرنوبيل, وسألت هناك من كتبت له الحياة او المواليد المشوهين من أبناء وأحفاد الضحايا.
مضيفة: سنشغل ثلاثة الاف عاطل عن العمل قبل تشغيل, وخمسة الاف بعد تشغيل المفاعل.
وفي مركز معلومات نووية في مدينة (فولغودونسك) الروسية, أرتنا لانا ما أسمته “حبة يورانيوم” مغلفة, بحجم تحميلة الأطفال, قائلة: هذه الحبة, تولد من الطاقة ما تولده حركتنا على “البايسيكل” لمدة 177 يوما.
بالخلاصة, فإن ما يحشو به خالد طوقان ولانا القسوس والثنائي “زعل وخضرا” رؤوسنا من معلومات نووية غير دقيقة, يجعلنا نقترب من الاعتقاد, ان المفاعل النووي ليس الا مصنعا للبسكويت بالشوكولا, أو نتّافة دجاج على راس الحارة, حتى أنني بدأت أفكر باقتناء مفاعل “زغيرون” خاص, حالما تتوفر السيولة.
على ذكر السيولة, معالي البطل الذري, أكد ان الاردن لن يتحمل سوى 15% من تكاليف المفاعل, ومثلها سيتحمله الشريك الاستراتيجي, الذي لا نعرف هويته حتى الآن, والمتبقي من التكاليف, 70%, سندفعها من ارباح المفاعل عند تشغيله.
وختمت لانا: أردن منتج ومصدر للطاقة النووية, شيء مهم وانطلاقة جديدة للأردن.
في حين يعلم العالم, أن ألمانيا بعظمتها, سوف تغلق آخر مفاعل نووي للطاقة, بمطلع العام 2022
وما دام أن أمر النووي محسوم, وقراره متخذ رغم كل المحاذير ورفض الشعب له, فلا أفهم حقا, ما معنى كل هذه التكاليف الإعلانية, ودعايات زعل وخضرا وسفر لانا وجهود خالد الحثيثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى