هلالان ونجمة كردية / كمال الزغول

هلالان ونجمة كردية عنوان الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة
عندما تخوف الأردن من الهلال الشيعي في بداية الأزمة السورية كان التخوف في محلة ،حيث انتهج الأردن سياسة خارجية كان لها صدىَ قوي في التخلص من هذا الهلال، الا ان معطيات النتائج الأولية للثورة السورية بدت تتبلور لصالح روسيا وايران في المنطقة، ولكن الولايات المتحدة الامريكية كانت تعي مدى خطورة وجود روسي متحالف مع ايران وسوريا ويبحث في الوقت نفسه عن عن بوابة اقتصادية لاوروبا عبر تركيا ،وبالفعل عندما دخل الروس الى سوريا بدأت تتبلور السياسة الأمريكية ببوصلة سياسية واضحة المعالم لا تغيب عن المحللين والمراقبين.
لدراسة طبيعة تعاطي أمريكا مع ملفات الشرق الاوسط اريد توضيح الأسباب التي قد تكون صاغت السياسة الامريكية في المنطقة اذ ساهمت عدة عوامل في صياغة الاستراتيجية الامريكية ومن هذه العوامل هي:
أمن اسرائيل : وقد كانت هزيمة المعارضة او انتصارها لا يعني شيئا بالنسبة لاسرائيل ،فالمراقب للوضع الاسرائيلي يرى ان اسرائيل قصفت داخل العمق السوري عدة مرات مستودعات تخص مليشيات حزب الله الموالي لايران ولم تقصف موقعا آخر ، هذا المؤشر يدعونا لربط التخوف الاسرائيلي من ايران وحلفائها، ان نَفَس السياسة الأمريكية الطويل في سوريا كان له غاياته واستراتيجياته التي ارتبطت بالمحافظة على قيمتها كدولة عظمى وبالمحافظة على الحليف الاقوى في المنطقة وهي اسرائيل فكان لزامًا على امريكا ان تنتهج هذه السياسات التي اوجعت الشرق الاوسط.
ايران: عند الحديث عن الاستراتيجية الامريكية وجب تذكر الملف النووي ألإيراني وتداعياته على اسرائيل وبالنسبة لي شخصيا اعتبر الملف النووي ألإيراني هو العنصر الفاعل في تعاطي أمريكا مع الملف السوري بهذا الشكل ، فبعض التحليلات لا تعطي بالا لهذا الملف وتربط مماطلة أمريكا في سياستها الحاسمة بالوجود الروسي فقط بالرغم ان هذا الربط له قيمته السياسية الا ان العامل ألإيراني كان حاضرا وبقوة وله حساباته في الإستراتيجية الأمريكية التي تبنت عدة تكتيكات حتى على الأرض على المستويين التعبوي واللوجستي للمعارضة السورية.
تركيا: تعتبر تركيا عنصر فاعل في حلف الناتو وتساهم مساهمة فاعلة في الحلف الا ان أمريكا ازعجها النظام الحاكم في تركيا فحاولت بقدر الامكان التخلص من حزب العدالة والتنمية التركي بالانقلاب الفاشل الأخير بيد ان تماسك الأتراك منع ذلك ، وفي نفس الوقت كانت تركيا فاعلة جدا على الارض السورية في حلب وريف ادلب والمناطق التركمانية في الشمال السوري حيث اصبحت شريك في مفاوضات جنيف ومفاوضات استانه فقامت أمريكا بتغيير تكتيكها ليتوائم مع استراتيجيتها الشاملة في المنطقة فأنشأت قوات قسد(قوات سوريا الديمقراطية) في الشمال السوري المتاخم لتركيا فتأزمت العلاقة التركية الأمريكية فكان ذلك له إنعكاساته على ألثورة ألسورية ونتائجها الأولية.
روسيا : روسيا لم تدخل منطقة الشرق الاوسط منذ عام 1946م حيث ساهمت في تأسيس جمهورية مهاباد التي كان المُلا مصطفى والد مسعود برزاني قائدا لقوات الجيش فيها حيث زعمت روسيا ان جيش هتلر يتواجد في المنطقة وارادت حماية المنطقة منه بالاضافة الى ان الشركات الروسية كانت تحاول التنقيب عن البترول فقامت امريكا بالضغط على روسيا للخروج من المنطقة مما ادى الى انهيار جمهورية مهاباد ذات العرق الكردي في شمال ايران ،ولذلك تاريخيا الوجود الروسي في سورية والمنطقة كان ثقيلا وكان من المستغرب جداً سماح امريكا لهذا التواجد المكثف في منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية ومن هنا كان على امريكا اتباع سياسة الإستنزاف للجميع ومن ثم كسب النتائج.
الخلاصة : بدت ملامح الإستراتيجية الأمريكية تتوضح لتحصد ثمرتين رئيسيتين وهما النفط وتدميرالملف النووي الإيراني بنكهة اتفاق هش لكسب الوقت في خضم الربيع العربي وبدت اسرائيل من المؤيدين الاوائل لهذه الاستراتيجية بالاضافة الى انها مؤخراً ايدت الاستفتاء الكردي لدمج اربع دول في حرب استنزافية شرسة وهي ايران ،العراق، تركيا وسوريا لكن انا اقول ان اسرائيل دعمت الأكراد من اجل تحجيم الدور الإيراني وايجاد حليف قريب من ايران ومن هذا المنطلق فإن طاقات الشعوب اصبحت مصلحة استهلاكية لاسرائيل بالاضافة الى ان امريكا ترددت في دعم استفتاء الاكراد للتخلص من ثلاثة اعداء وهم الملف النووي الايراني ،حزب العدالة والتنمية التركي،وروسيا واخراجها من المنطقة وفي النهاية ستسجل امريكا الهدف السياسي والعسكري في المنطقة في مرمى كل هذه الاطراف وذلك بوضع نجمة كردية بين هلالي المناطق الآمنة ، احدهما ممتد من العراق لاسرائيل على الحدود الاردنية والآخر متاخم لتركيا وممتد من شمال العراق الى المتوسط وحصر روسيا وحليفها في دمشق في الوسط لإجبار روسيا على الخروج بشكل تدريجي وستبقى امريكا تتلاعب بكل الاوراق حتى استنزاف الجميع واللعبة ستمتد للعمق الإيراني بنَفَس طويل ولذلك تم تأجيل دعم الاكراد لبناء استراتيجية ما بعد داعش.
Alzghoul_kamal@yahoo.com
PhD Researcher
American Political History
The University of the Balearic Islands/Spain

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى