مدفع رمضان

#مدفع #رمضان

رائد عبدالرحمن حجازي
بالرغم من أنه كل يوم من أيام رمضان كان له معي حكاية إلا أن بعض الأيام كانت متميزة بتفاصيلها وهي تلك الأيام الرمضانية التي أكون فيها متواجداً عند دار جدي في ساحة الأفراح – إربد . والميزة في ذلك كانت بحضور بث مباشر لعملية تجهيز واطلاق مدفع رمضان من على ظهر التل بالقرب من دار بلدية إربد .
الزمان بداية السبعينيات والوقت قبل الغروب بساعة والأولاد يجمعون ما تيسر لهم من قطع بالية من القماش وأنا أحدهم وأذكر في أحد الأيام انني قمت بسرقة بريئة لبعض قطع الملابس عن حبل الغسيل (يعني مثل ما تقولوا ولا أفلس ههههههه). كُنا نتنافس في من سيجمع أكبر كمية من القماش والسبب لكي نبني مع المدفعجي علاقة صداقة للمستقبل ، كل منا يتعبط كومة من القماش لنسير بها من ساحة الأفراح باتجاه ظهر التل وعند الوصول لمكان المدفع كنا نتخذ مكاناً مناسباً بانتظار قدوم المدفعجي .
قبل المغرب بعشر دقائق أو يزيد يطل علينا المرحوم أبو علي شاهين على دراجته النارية من نوع (ياماها) ذات اللون الخمري وخلفه حقيبة العمليات الكتانية . وما أن يترجل عن الدراجة نسرع نحوه ومعنا ذخيرة القماش لتبدأ فعاليات تجهيز المدفع .
أول خطوة كانت إزالة الغطاء عن المدفع ومن ثم تبدأ عملية دك قطع القماش والشرايط في فوهة المدفع بواسطة مخباط خشبي يشبه عصى الرفش وبعد الانتهاء من عملية الدك ها هي اللحظات الحاسمة تقترب ، أبو علي رحمه الله كان يضع ملح البارود في حُجرة الإنفجار والتي كانت تقدر بكيلو غرام واحد تقريباً ويضع فيه الفتيل وقبل إشعال الفتيل كان يطلب منا الابتعاد لمسافة آمنة مع فتح الفم والتي فيما بعد أدركنا اهمية هذه الحركة للحفاظ على طبلة الأذن ، يُشعل أبو علي الفتيل والجميع يترقب عن بعد لحظة الإنفجار ، نعم كانت لحظة بالمقياس الزمني ولكنها بقيت في ذاكرتي لسنوات ولا زالت حتى اليوم .
تراجع وارتداد سبطانة المدفع وصوت مدوي وخروج دخان أسود مع قطع قماش محترقة كل ذلك يحدث في نفس الوقت وبعد ذلك يركض الأولاد وأنا أحدهم باتجاه المدفع للحصول عل قطعة من القماش المحترق والتي لا زالت تهوي باتجاه الأرض ومن يظفر بقطعة أو أكثر يكون ذو حظاً سعيداً .
إلى هنا أنتهى دور أبو علي حيث كان يعيد تغطية المدفع ليكون معه على موعد السحور ولكن بوجود عدد أقل من الأولاد أحياناً ، أما نحن فكانت لنا مرحلة أخرى بعد إطلاق المدفع ألا وهي مغادرة المكان باتجاه المنزل لتناول وجبة الإفطار والأهم من ذلك شرب الماء كون الفصل كان صيفاً آنذاك . أيام مضت لم يبقى منها إلا الذكريات ، كل عام والجميع بخير .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى