عطل وضرر

مقال الثلاثاء 1-11-2016
النص الأصلي
عطل وضرر
كنت مستعجلاً يومها على غير العادة أريد أن الحق بمقابلة إذاعية صباحية تتحدث عن الكتابة الساخرة ، قرّرت أن أعرّج على محطة بترول حتى أتزوّد وانطلق على طريقة دعايات مشروبات الطاقة ، حتى اللحظة لا ادري إن كنت قد انحرفت يميناً بزاوية حادة أم أن السيارة التي كانت متوقفة على يمين الشارع تحرّكت في اللحظة التي انعطفت فيها صوب محطة الوقود، لكني سمعت صوت ضربة خفيفة واحتكاك واضح مع رجّة في مؤخرة السيارة نزلت منها..فوجدت سائق السيارة بدأ بعملية اللطم وفتح الأزرار والتأفف، سلمت عليه وتمنيت له السلامة..وبدأ هو يستعرض الخراب والضرب على الركب والصدر ، كل ما في الموضوع ان ضوء سيارته التي تحت الحدادة اندلق للخارج وتبدو ظاهرة للعيان أثار الحف والمعجون وطلاء التأسيس و المرايا المخلوعة من مكانها ، قلت له : بسيطة..فسيارتك على ما يبدو ما زالت قيد التصليح ،ويمكن أن يرجع “الغمّاز” إلى مكانه ، دفعت الغماز بيدي فعاد كما كان..لكن الرجل كان مصرّاً على استحضار الطقوس المأتمية..قال كيف بسيطة؟ انظر إلى الباب انظر إلى المعجون المتضرر انظر إلى المرايا لا ادري أين طارت..قلت له المرايا في الكرسي الخلفي يا شيخ..فعاد من جديد للعويل..”الأنتين” مكسور…الجناح الخلفي خرج من مكانه وهذا انبعاج الى الداخل لم يترك علة في السيارة الا حملني اياها …عرفت الحكاية!! هذا الرجل يريد ان “يستفتح مني” لا أكثر..المطلوب؟..قال :”هات خمسين”!!..أعطيته وغادر كل منا في حال سبيله..
كيف لي ان اجلس خلف الميكرفون وأتكلم عن الأدب الساخر وأستشهد ببعض الطرائف والرجل قد نصب عليّ عينك عينك وعكّر مزاجي كاملاً..رويت ما حدث لمخرج العمل على سبيل الفضفضة قبل الدخول بحوار..وقال لي: أنت محظوظ!!..ثم روى لي قصة والده الذي قد وكز رجلاً مسناً بمقدمة سيارته بسرعة متدنية جدا، ليجري “الحج”المتضرر جميع أصناف الصيانة بأغلى المستشفيات على حساب الوالد..بدءاً من علاج طبيعي للفخذ ،و ضخ وحدات دم إضافية، وتنظير للقولون، وتغيير سماعات الأذن، وعلاج تقرح المعدة ،وضبط السكر، وفحص أنزيمات الكبد..وبعد خروجه من المستشفى بعد أسبوعين من الاستطباب عاد إليهم ابن العجوز يطلب بتعويض مالي لأن “الحجي” ما زال “يعرج” من الحادث..فحاول أن يثبت السائق لذويه بكل الصور وتقارير الأطباء أن أياً من الرجلين لم تتضرر ولم تصب بأذى بسبب الحادث لكن دون جدوى فإما التعويض وإما المحكمة .المهم وصلت القصة للقضاء…ولم يستطع الرجل كسب القضية الا عندما احضر شريط فيديو يعود الى عام 1998يثبت ان “العرج” مزمن وليس بسبب الحادث..حيث أظهر الشريط مقاطع للحجي وهو يعرج أثناء الرقص في عرس احد أحفاده فاقتنع القاضي وحكم عدم مسؤولية…

لا أدري لم تطرقت الى هاتين الحادثتين مع أني كنت انوي الكتابة عن مطالبة أمريكا للسعودية بدفع تعويضات عن احداث 11 أيلول..او ما يسمى قانون “جاستا”..لا يهم ، في الحالتين الرغبة في الابتزاز أكثر منه في التعويض…تريدون تعويضات عن أحداث 11 أيلول؟؟ حسناً…عوضونا بالمقابل عن ضحايا العراق وسوريا المدنيين واتركوا “الشيك” مفتوح القيمة ..فما زال خيط الدم نازفاً..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@homail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. لوكربي… 11 سبتمبر … تحصيل حاصل
    لكن ما يحدث الان ندفع ثمنه من اموال العرب ونفطهم ومن دمائنا واعمارنا ومستقبل اطفالنا … من قضية مركزية تحولت الى عدة قضايا وبتنا لا ندري بأيها نبتدئ الحكاية …!!
    اكثر ما أخشاه ان تحاسبنا امريكا وروسيا وحتى ” ابناء العم ” عن العطل والضرر الذي اصابهم بسبب الحروب المشتعلة في اجسادنا والتي تدفأوا بحرارتها

  2. دم الشهداء ﻻ تعوضه أموال امريكا … لا نقول اﻻ حسبنا الله ونعم الوكيل

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى