اخبار فوضى ستان الحلقة السادسة
كيف كنا ،وكيف اصبحنا
في صغري كان يسترعي انتباهي لوحة تعلق على الزجاج الخلفي لبعض السيارات يكتب عليها عبارة : ( لطفا افرهول) .
ولاحقا ادركت السبب وراء تلك العبارة ، فصاحب السيارة يكون قد اجرى للتو عملية صيانة لمحرك السياره يتم فيها استبدال بعض القطع ، ولاجل تليين تلك القطع الجديده وجعلها تتماشى في حركتها مع القطع القديمه في المحرك لا بد ان يتمهل سائق السياره ولا يسرع في القيادة لفترة زمنية محدوده ، فيقوم بتعليق تلك العباره على الزجاج الخلفي ليفهم السائق الذي خلفه انه لا يمكنه زيادة سرعته ، وبالتالي الخيار يعود له فيما اذا اراد التجاوز عنه .
انظروا كم كان المجتمع في السابق متناغما ومنسجما يعرف كل فرد فيه ما له وما عليه ، تعليق تلك العباره على زجاج السيارة الخلفي يعني ان من فعل هذا يراعي ظرف السائقين على الطريق ، فلربما كان احدهم على موعد في عيادة طبيب او ينقل مريضا بحاجة الى اسعاف فوري، او يجتهد للوصول الى مقر عمله في الوقت المناسب .
في الماضي كان الشعار السائد (تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الاخرين) ، اما اليوم فان الشعار السائد هو ( انا ومن بعدي الطوفان) .
كنا نراعي الذوق العام وظروف الاخرين ، وما كانت عبارة ( لطفا افرهول) الا جزءا من هذه الثقافه ، والان اصبحنا نتفنن في مضايقة بعضنا البعض ، اليوم لسان حال السائق يقول :
لطفا ، الشارع ملك خالص لي .
لطفا ، انا اشرب كوبا من القهوه لذلك اتهادى على الطريق كما يحلو لي .
لطفا ، انا اتحدث بهاتفي الخلوي ولتذهب انت وظروفك الى الجحيم ، ولا بأس ان كانت زوجتك الحامل قد جاءها الطلق في السياره .
في قيادة السياره اليوم ، تغيب ثقافة المسرب والاولويه ، وتحضر بشده ثقافة الضوء العالي الذي يعمي العيون ، اما ثقافة ( لطفا افرهول ) فقد اصبحت ضربا من الماضي .
