حظ الفاشل

حظ الفاشل
د. محمد شواقفة

كان دائما يندب حظه العاثر مما اضطره للبحث عن فرصة جديدة في ديار بعيدة. كان يستظل بجانب قصر الحاكم و يراقب فتية يلهون و يلعبون و شاهد إحدى الفتيات يسقط منها حجرا كريما قبل أن يظهر ديك حسن المظهر ليبتلعه و يبتعد. و وسط كل هذه الاحداث لاحظه احد الحراس الذي لم يتردد في نهره و طرده بعيدا عن القصر.
في اليوم التالي سمع الناس يتحدثون عن فقدان تلك الجوهرة الثمينه و بأن الحاكم سيمنح جائزة لمن يجدها او يدل عليها. ذهب للقصر مدعيا بأنه “عراف” و يستطيع أن يجدها. و بعد تمثيل قليل و بعض الكذب و الدجل أخبرهم بأن الجوهرة في بطن الديك!. أنبهر الجميع بقدرته و بات مقربا من الحاكم بدون نقاش و مضت الايام و الشهور و هو في نعيم مقيم.
تفاجئ الجميع بخبر سرقة قصر الحاكم و حتما اتجهت الانظار إلى عرافنا المزعوم ليجد السارقين، ارتبك كثيرا و هو يتوقع بأن أمره انكشف. لكن اللصوص سمعوا بأنه رجل خارق و أرسلوا أحدهم ليتحرى الأخبار و عندما إقترب من بيته سمع صاحبنا يقول لزوجه: عرفت واحدا و لم يكمل جملته حتى عاد اللص مسرعا لرفاقه و أخبرهم بأنه لا بد أنه عرف سرهم فذهبوا و أعادوا له كل ما سرقوه. و في الصباح كانت سيرته على كل لسان و مزيدا من التبجيل و التفخيم و هو مستمتع بكل ذلك إلى أي حين. لكنه كان دوما يعتريه القلق أن ينكشف أمره لأنه كاذب يساعده الحظ في كل مرة. فقرر أن يرتكب حماقة كي يطرده الحاكم و يبعده عن القصر. فقرر ان يركض عاريا و يدخل على الحاكم في غرفة نومه.
في يوم التنفيذ، دخل بهذا المنظر الغريب الذي أفزع الحاكم و جعله يفر بعيدا و لكن ذلك تصادف مع سقوط نجفة كانت معلقة في السقف في مكان نومه و لولا انه ابتعد مسرعا لقتلته. و بسرعة بديهة تبنى صاحبنا الموقف و قال للحاكم: لقد شاهدت رؤيا بأن شيئا سيسقط عليك من السقف فهرعت لغرفتك عاريا كي لا أتأخرو أنقذ حياتك.
لم يجد الحاكم بدا من تصديق هذا الادعاء و لم يكن لدى عرافنا أي سبب للتراجع او الاعتراف بأنه كاذب، لكنه في قرارة نفسه يعرف أنه “كاذب و لكنه حتما محظوظ؟!!!” و أصبح أقرب المقربين للحاكم!

” دبوس على الكاذب المحظوظ”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى