صلاة الذئب / يوسف غيشان

صلاة الذئب
يوسف غيشان

كان الحكايات منذ بدايات الوعي البشري ،هي الوسيلة والناقل لحكمة البشر ، لغايات فنية ابداعية احيانا ، ولغايات التورية والتضمين في احيان اخرى خوفا من الطغاة والظالمين .
لعل افضل كتاب انجزته البشرية في هذا المجال ، هو كليلة ودمنة الذي كتبه الفيلسوف بيدبا وترجمه ابن المقفع، وهومكتوب بإسلوب قصصي ممتع على لسان الحيوانات، وهذا الأسلوب لم تنته جدواه، ولا الحاجة له حتى الان رغم تطور الدساتير والقوانين…. وخلافه.
وكما تنبت الشخصيات ، مثل الفطر المفاجئ، في اصقاع الذهن ، نبت هذا اللقاء بين رجل وذئب .
-لا مناص من الموت هنا.
قال الرجل في نفسه، لكنه لجأ الى آخر خطة دفاعية ، وهي ان يصلي ويدعو الخالق ان لا يأكله الذئب، لعل ساعته لم تأت بعد، ووفاته غير مقدرة بهذه الطريقة الشنيعة.
شرع الرجل في صلاته، وهو يبتهل:
– يا رب انقذني من هذا المصير الأسود في هذا المكان المعزول
– يا رب ابعد هذا الوحش عني ، وحنن قلبه علي ، او اجعله لا يراني
– يا رب اعدك ان نجوت اليوم الا اقطع فرضا ، وان اصبح عبدك المطيع الشاكر.
– يا رب… يا رب…. يا رب
الذئب عندما رأى الرجل في هذا الوضع، ما كان منه الا ان شرع يصلي ايضا.
فرح الرجل واعتقد ان دعواته قد استجيبت، وبعد انهاء صلاته ، جلس بجانب الذئبد، وهو شبه مطمئن ،ورغب ان يفتح حديثا:
– السلام عليك يا سيد الأماكن
– وعليك السلام
– رأيتك تصلي مثلي .
– نعم انا اصلي
– اتسمح لي ان اسألك سؤالا؟
– طبعا، اسأل ما تشاء
– انا كنت اصلي ، لأني كنت ادعو ان لا تأكلني ، لكن أنت لماذا كنت تصلي وهو ليس موعد صلاة اصلا؟
– هذه بسيطة.
– نوّرني ايها الذئب العظيم.
– القضية لا تحتاج الى تنوير ، فأنا معتاد منذ نعومة مخالبي ، معتاد ان أصلي ركعتين قبل تناول الطعام؟
– ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى