كلٌّ يبقى ، لا أحد يغادرك…

كلٌّ يبقى ، لا أحد يغادرك…

سناء جبر

كُل شخص يَمُّر بحياتك سيبقى فيها للأبد، لا أحد يُغادِرُك!! مِنهم مَن يَظّل على هيئة نَدْبَة؛ قد لا تُوجِعك! ولكنها تُذَّكِّرك بِشَكل الوجع … البعض بِكُلِّ شَرورهم و مكرهم عَلَّمُوك قيمة الخير … والبعض عندما ابتعدوا عنك منحوك أفضل فرصة لتكون أنت نفسك بِكُل ما تحمله مِن قِيَم جميلة في داخِلِكَ، أما البعض فقد تَغَيَّر مكانهم بالقلب؛ ورغم أنك لن تُجيد طردهم أبداً؛ إلا أنهم عَلّموك كيف تُعيد ترتيب مكانهم في قلبك دون أن تُتلِفه بالحِقد!
بعضهم قدّموا أنموذجًا سيئًا أنت قطعًا لا تريد أن تكونه أو مشابهًا له أبدًا …. و تعلمت كيف تتجنب أمثالهم …. وآخرون استهانوا بك كثيرًا لدرجة أنك قررت أن تلتفت لنفسك أكثر، فهي تستحق منك مزيدًا من التقدير والحُب ثم التقدير والحبّ …
بعضهم … وبعضهم … في علاقتك مع كل فرد منهم، لو فكرت و وركّزت وصفنت… لو راجعت مواقفك في أرشيف لا نهاية له… ستجد أنه علمك درسًا ليس بسيطًا أبدًا ولا سهلًا. علمك أن احذر أن تكون مثاليا فالمثالية وهم لا حقيقة، ومحاولتك لأن تكون بتلك الصورة لا تعكس شيئًا إلا أن تحكم على نفسك بأنك سيئ لا محالة. إذ تحيط نفسك مختارًا أو مجبرًا بهؤلاء الحمقى الذين يغذون فيك ذلك الشعور، فتبتئس وتلقي اللوم على نفسك وتشعر بعدم الرضا عن ذاتك، وتتمنى لو كنت حبا منثورا في الهواء.
وهنا نسائل أنفسنا :هل يتوجب علينا أن نسامح الجميع؟ فهم مع أنهم أوجعونا لكنهم علمونا كم هو مؤلم أن نوجع الآخرين. أن نؤلمهم… أن نحدث فيهم جروحا لا تندمل ولا تجد من يطبطب عليها أو يداويها، وهم أنفسهم لن ينجحوا إن حاولوا… فهي غائرة غميقة في الروح والوجدان…علمونا كم هو قاسٍ وجارح أن نريق ماء وجوههم فذلك يماثل إراقة دمائهم. فهمنا من خلالهم لمّا كسروا الخواطر ظلمًا وجورًا، أن الجبر أعظم وأن تربيتة على ظهر أخيك أولى وأوجب. هل كنا بحاجة لمثل هذه الدروس منهم؟ هل استطاع كل واحد قست عليه الأيام أن يتعظ ويعتبر فيكون أرق وأنقى وأصفى؟ أم كان لأفعالهم ردود فعل مغايرة وأنجبت مقهورين أجنحتهم كسيرة وما استطاعوا التحليق مجددًا. هل علينا أن نسامحهم على أخطائهم معنا فنتصالح مع ذواتنا ونكون أفضل حالًا وأنقى سريرةً لا يعكر صفوها حقد ولا غلّ أم يعدوننا ضعفاء مجددًا ويمعنون في إيلامهم وتفكيرهم القاصر؟
كل ما علينا أن نهذب نظرتنا إلى الحياة ونوجهها بالطريقة الصحيحة، وأن لا نخاف من خسارة أحد بغض النظر عن المكان الذي احتله سابقا وتربع فيه… ما يهم فعلا هو أن لا نخسر أنفسنا في محاولة لإرضاء ذلك الأحد.

فلنتعلم أن نكون شاكرين وممتنين للجميع … نعم … فأن تعرف قدرك في قلب من كنتَ له دومًا ولم يكن لك قط، فهذا أمر يستحق الامتنان والشكر، سأكون شاكرة وممتنة جدا لمن كان سندًا وعونًا في تلك الأيام الصعبة المظلمة شديدة السواد، تلك التي غادرت ورحلت أدراج الرياح ومن أعرف تمام المعرفة أن سيكون في تلك الليالي الحالكة في سوادها وظلمتها، كان عونا وسيبقى، كان نجمة أضاءت عتمة وسيظل منيرًا للدروب على صعوبتها ولن يهمه ما سيصيبه من أذى. ما يهمه أن أكون بصحبته يدًا بيد … نمضي معًا في الطريق الصعب والسهل كليهما على حد سواء، فأكون على خير ما يرام، كل ما يهمه أن يمنح السند والعون والمحبة، أن يكون الأمان لك ويترك بصمة جميلة في قلبك، هو متيقن تمام أن نجاحه وسيره الواثق قدما في الطريق الوعر لن يقل وتخف قوته بدعمه لك…

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى