كراتين بيض / رائد عبدالرحمن حجازي

كراتين بيض

صيفاً كانت هناك بسطة اسمنتية بالقرب من المدخل الرئيس لمنزل جدي رحمه الله هي مكان التقاء الأصدقاء والأحباب من الجيران والأقارب وحتى عابري السبيل . بعد العصر وعندما يعم الظل على المنطقة بسبب ظلال البيوت المقابلة لهذه البسطة كُنا نحن الأطفال نتسابق فيما بيننا لتنظيف المكان من الغبار واحضار البساط وبعض مساند القش , وكان هناك شيء غريب وهو كرسي مصنوع من كراتين البيض الفارغة مكعب الشكل كُنا نضعه للعم أبو عطية كونه كان يعاني من ديسك في فقرات ظهره ولا يستطيع الجلوس ارضاً .
في أحد الأيام راقت لنا فكرة هذا الكرسي وقررنا أن نصنع مثله , فالعملية سهلة وبسيطة ولا تحتاج لمهارة في العمل , فكل ما هناك هو وضع أطباق (كراتين) البيض الفارغة فوق بعضها البعض وبعد ذلك تُحزم بخيط من المصيص أو الكتان , وفي بعض الأحيان توضع قطعة من القماش على السطح العلوي للمقعد كي تُعطي بعض الراحة للشخص الجالس . إلا أنها تحتاج لعدد كبير من أطباق البيض .
فعلاً باشرنا بالعملية وقد أخذ كل منا على عاتقه بأن يصنع كرسيه الخاص به , فانا مثلاً مع أني لست من هواة أكل البيض , رحت أطلب وجباتي اليومية من البيض المقلي أو المسلوق . وذلك لإستنزاف البيض من المنزل الذي بدوره سيؤدي للحصول على كراتين بيض فارغة . ولم نقف عند هذا الحد فكلما ذهبنا للشراء من دُكان ابو سلطان كُنا نتظاهر بأننا نريد إعادة ترتيب البيض له على البسطة في الأطباق الكرتونية من باب عمل الخير , لدرجة أننا كُنا نضع في الطبق الواحد أكثر من 30 بيضة للحصول على طبق فارغ .
بعد فترة من الزمن تمت العملية بنجاح وحصل كل منا على كُرسيه الخاص وصرنا ننافس العم أبو عطية في الجلوس على المقاعد الكرتونية من باب التشبه بالكبار .
إعادة تدوير بسيطة ولكنها في ذلك الحين كانت بنظرنا انجازاً عظيماً , لدرجة أن الكبار كانوا يشجعوننا ويثنون على ما قمنا به من انجاز .
سبحان الله هالأيام تغيرت الأحوال , وصارت الزُلم هي إللي تركظ ركاظ ورا كراسي الكرتون .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى