عن مقتلة الأقباط ومسيحيي الشرق / توفيق شومان

عن مقتلة الأقباط ومسيحيي الشرق
توفيق شومان
لا أدري إذا كان قاتل من قتلة الأقباط المصريين قرأ ما تيسر مما كتبه الشعراء المسيحيون العرب بالنبي محمد(ص) .
ولا أعرف ، ماذا كان يمكن أن يفعل قاتل آخر ، لو جاء أحدهم وأعلمه بقول الشاعر رشيد سليم الخوري المعروف بالشاعر القروي ، إذ يقول في الرسول :
يا فاتح الأرض ميدانا لدولته / صارت بلادُك ميدانا لكل قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم/ لا يُنهِض الشرقَ إلا حبنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة / فبلـغوه سلام الشاعر القروي
ويقول في ذكرى المولد النبوي الشريف :
عيد البرّية عيد المولد النبوي/ في المشرقين له والمغربَيْن دوي
عيد النبي بن عبدالله من طلعت/ شمس الهداية من قرآنه العلوي
هل كان ذاك القاتل سيراجع فتواه في ربع الثانية الأخير؟
ويعيد تنظيف أفكاره ؟
ويخرج من حقده ويرميه تحت رمال مصر؟
الله أعلم
ولو أن قاتلا آخر قيل له إسمع ماذا يقول خليل مطران :
عانى محمد ما عانى بهجرته/ لمأرب فى سبيل الله محمود
وكم غزاة وكم حرب تجشمها / حتى يعود بتمكين وتأييد
أي صدى سيكون لهذه الأبيات في نفس القاتل ومخه ؟
هل يكمل إطلاق النار على الأقباط ؟
أم يطلق النار على الفتوى القاتلة ؟
هذا من علم الغيب
ولو قيل للقاتل الثالث ما قاله شبلي الملاط :
والله ما قال المسيح تباغضوا / حتى نكون ولا كتاب محمد
لكنما أيدي الجهالة بدّلت / أبناء هذا القطر شر مبدد
هل يصر على رمي الأقباط بالنار ؟
أم يرمي سلاحه خجلا وتبجيلا لأقوال المسيح ومحمد (ع)
علم ذاك عند علام الغيوب
ولو صرخ صارخ بالقاتل الرابع وقال له مهلا يا إبن فلانة إنصت إلى ما يقوله سعيد عقل :
غنيت مكةَ أهلها الصِيدا / والعيد يملأ أضلعي عِيدا
فرِحوا فلألأ تحت كلِّ سَما / بيتٌ على بيت الهُدى زِيدا
يا قارئَ القرآن صلِّ لهُم / أهلي هناك وطيِّبُ البيدا
وأعزَّ ربِّي الناس كلَّهمُ / بِيضًا – فلا فرقتَ – أو سودا
هل سيتمرد على من أرسله ؟
هل ينصت للرسول وما أرسل للرسول ؟
هذا من علم الله
ولونادى مناد للقاتل الخامس وأسقط في أذنيه ما يقوله مارون عبود:
لولا كتـابُك ما رأينا معجزًا / في أمـةٍ مرصوصـة البنـيان
حملت إلى الأقطار من صحرائها / قبسَ الهدى ومطارفَ العمران
ويقول في فتح مكة :
مـاذا أبـا لهب و مكة أُشرعَتْ / أبـوابـها لـعساكر الـرحمن
انـظرْ فـإن الـنّاس حول محمدٍ / كـربائضٍ أحـدقن بالرعيان
هـذا بـلالُ يـبلغُ النبأَ العظيمَ / ويـطبع اسـمَ اللهِ فـي الأذهان
و مـحمدٌ مـغضٍ جلالاً خاشعاً / مـلءُ الـنفوس جمالُه الروحاني
هل سيمضي في المقتلة ؟
أم يمضي على بيان خروجه من عصابة القتلة ؟
الله وحده يعلم
ولو قيض لقاتل أن يسألوه في دار القضاء ماذا تقول بما قاله نقولا فياض :
نبي العرب ألهمني بيانا / على عجزي أهز به الزمانا
وارفع للنفوس لواء حق / وابسطه على الدنيا أمانا
ضرعت إلى السماء بحق عيسى / وحقك يا محمد أن يصانا
هل يبقى على غيه أم يتوب ؟
هل يستبدل عقله وجلده ؟
هل يهيم في صحراء قدره متنسكا وتوابا ومستغفرا ومسترحما رب العالمين ؟
هذا من علم العليم القدير ” الذي خلق فسوى و الذي قدرفهدى “.
ولو تسنى لقاتل بعد عمر مديد أن يقرأ لإلياس فرحات هذه الأبيات :
غمر الأرض بأنوار النبوة / كوكب لم تدرك الشمس علوه
لم يكد يلمع حتى أصبحت / ترقب الدنيا بمن فيها دنوه
بينما الكون ظلام دامس/ فتحت في مكة للنور كوة
طما الإسلام بحراً زاخراً / بأواذي المعالي والفتوة
هل تسترجع ذاكرته صورة المقتولين ؟
ماذا لو استعادت أذنيه عويل إمرأة وحشرجة الطفل الأخيرة ؟
هل تدمع عيناه؟
هل يشهق بكاء ؟
هل يضرب رأسه ندما بجدار البيت وجدار الذاكرة ؟
أم تنفرج أساريره وتنفجر ضحكا ؟
ويتمنى العودة إلى عمر كان فيه فتيا ؟
ليقتل أكثر
ويضحك أكثر
ويحفر لمصر قبورا أكثر
ويحفر للوطن العربي الأكبر قبورا أكبر و أكثر
ألله أعلم
ألله أكبر

اظهر المزيد

تعليق واحد

  1. ايا استاذ توفيق بارك الله فيك مقالك اكثر من رائع اخوتنا وابناء وطننا واحبتنا المسيحيبن هم في سويداء القلب هذا الارهاب المجنون لم نكن نعرفه في ما مضى من ايام ماذا جري للناس كيف وصل بهم الاجرام لقتل الابرياء والاطفال من المستفيد من هذا الارهاب عشنا كعائله واحده هكذا تربينا واحببنا بعضنا فالجميع يعبد الله باي مبرر يقفون امام ربهم وضمائرهم وهم يقتلون ابناء وطنهم يجب على اولي الامر في دولنا العرببه ان يتداعوا ولا يصمتوا عن هذا الاجرام الذي يؤلم الوطن والناس يكفي ما نحن به من نكبات وويلات لقد اصبحنا مضحكه للناس .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى