.العيش مع الحدث

[review]الأحد  6-2-2011

منذ جمعتين وأنا أتواجد في ميدان التحرير أكثر مما أتواجد في حارتنا..

أول فعل أقوم به بعد رفع ستائر جفوني..التقاط الريموت والفتح على قناة الجزيرة ، وآخر فعل أقوم به قبل اسدال الجفون على البؤبؤ المنهك .. وضع الريموت تحت الوسادة ، وعندما اتقلب يميناً وشمالاً لا بأس من رفع رأسي قليلاً وأخذ نظرة على ميدان التحرير للاطمئنان على الشباب… فالتلفزيون لا ينطفئ ،وفكري لا يهدأ أبداً….

بالمصادفة اكتشفت يوم «جمعة الرحيل» أنني أرتدي نفس البيجامة ، ونفس الفروة ، ونفس الفانيلا، منذ بدء المظاهرات، وأنني لم احلق ذقني منذ الثلاثاء المليونية .. كما اكتشفت ان عدد المكالمات التي لم أرد عليها فاق الأربعين مكالمة ، خوفاً من ان اضيع تعليقاً للدكتور عمر حمزاوي ، أو تحليلاً لصفوت الزيات ، أو تصريحاً للسيد محمد رفاعة الطهطاوي، او حتى مداخلة سريعة للبرادعي …وفي بعض الأحيان كنت اقاوم «زحامي» الشديد حتى ينتهي احد أعضاء الحزب الحاكم من كلامه فأذهب وأفترج ..

مقالات ذات صلة

تحوّلت حياتي كلها الى مظاهرة ؛ غرفتي «ميدان التحرير» وغرفة الجلوس « عبد المنعم رياض» والصالون .. «6 أوكتوبر»..وبيت الدرج «القصر العيني» حتى بدأت أستخدم نفس المصطلحات المتداولة على ألسنة الناشطين ومذيعي الفضائيات بعفوية مفرطة ومن غير تعمّد..

عند الغداء مثلاً .. وقبل ان ينقضّ الأولاد على سدر «المفتول» اطلب منهم عبر مكبرات الصوت : « اناشدكم ايها الجيش العظيم أن تحافظوا على الهدوء ومقدّرات الطبخة»..كما قمت بعدها بدقائق بفض اشتباك محدود بين المتناولين على مداخل «السدر» الستة..وفي الليل أصحو فجأة مفزوعاً ، لأقوم بعملية تعريض بعض المخدّات على اتوسترادات الفرشات والفصل بين «النائمين» لحمايتهم من الاشتباك بالأرجل..

كما تعلّمت من أحمد شفيق كيف أبدو هادئاً ومستجيباً عندما وعدت «بالإصلاح التدريجي» وذلك بعد مطالب شرعية رفعتها أم العيال لوضع حدّ «للدلف» الذي ملأ أرضية الصالون والموزع الداخلي في الشتوة الأخيرة.. فما كان منها الاّ ان رفعت شعاراً : «الآن يعني الآن»..

منذ أسبوعين وأنا أعيش بأجواء الحدث تماماً ، فكلما طرق بابي أحد الزائرين ليلاً.. اعتقدته احد البلطجية !!..وكلما رأيت جابي الكهرباء يطوف بالحارة ، راودتني نفسي أن ارميه بزجاجة «مولوتوف»..

منذ أسبوعين وأنا لا أكتب شيئاً، لا اقرأ شيئاً ، لا أفعل شيئاً، لا أسمع شيئاً، لا أفهم شيئاً..

والآن …لا أقول شيئاً ..سوى: ايها القلق «ارحل»..

ahmedalzoubi@hotmail.com

احمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى