صحيفة بريطانية تتحدث عن حجز فندق “ماريوت” لموجة مقبلة من الاعتقالات في السعودية وتشرح صعود “بن سلمان”

سواليف

في تقرير للصحافية كريستينا لامب في صحيفة “صاندي تايمز″ البريطانية قالت فيه إن صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خُطط له على مدار السنين الماضية. وأضافت أن عملية القمع مستمرة في إشارة لسيطرة الحكومة على فندق ماريوت تحضيرا لتحويله إلى سجن آخر فاخر كريتز كارلتون في الرياض الذي سجن فيه الأمراء ورجال الأعمال والوزراء في حملة “مكافحة الفساد” يوم السبت الماضي. وأشارت إلى ظاهرة جديدة في شوارع العاصمة الرياض، يقال إنهم متسولون من أبناء مهاجرين سوريين، فما هي الرسالة التي يريد م ب س كما يعرف محمد بن سلمان في الغرب إيصالها لشعبه؟.

الدبلوماسيون ورجال الاستخبارات الغربيين يحكّون رؤوسهم

في البداية تقول لامب لا شيء من دون تخطيط بالنسبة لابن سلمان، فما جرى يعد له منذ سنوات. وتقول إن تعيين الملك سلمان ابنه قبل عامين وليًا لولي العهد ووزيرا للدفاع جعل الدبلوماسيين ورجال الاستخبارات الغربيين يندهشون (يحكّون رؤوسهم). كواحد من الأمراء الذين لم يدرسوا في بريطانيا أو الولايات المتحدة لم يكن شخصية معروفة، وكما قال أحدهم: “اعتقدنا أنه سيكون محافظا”. وبدلًا من ذلك أعلن سلسلة من التغييرات منها السماح للمرأة بقيادة السيارة بدءًا من العام المقبل، وبناء مدن مستقبل وقَلّم مخالب المؤسسة الوهابية. وحوّل ريتز كارلتون الذي عين وليا للعهد في حزيران /يونيو إلى سجن فاخر للأثرياء الذين تتراوح ثرواتهم بين 30-40 مليار دولار.

وبرغم حديثه عن الليبرالية إلا أنه تحرك لقمع أية معارضة ضده وصلت ذروتها في ليلة السكاكين الطويلة الأسبوع الماضي. وجاءت هذه التحركات من رجل يزعم أنه معجب بوينستون تشرتشل ومارغريت تاتشر وأصابت أفعاله المراقبين للشرق الأوسط بالدهشة. ويقول أرون ديفيد- ميللر مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون بواشنطن: ” راقبت الشرق الأوسط أربعين عاما من وقت أن كان عمري 60 عاما ولم أر مثل هذا”، وأضاف “هذا هاملت ولير وماكبث من دون دم ووحشية إنها لعبة عروش”. وترى لامب أن سلسلة المراسيم التي أعلن عنها الملك سلمان قبل عامين بوضع ابنه في ولاية العرش حضرت لعملية التطهير الأخيرة. فمنذ وصوله عام 2015 قام بنقل العرش من الإخوة- أبناء الملك عبد العزيز للأحفاد مغيرا بهذا تقليدا تعارفت عليه العائلة بتوازن الحكم بين الأخوة أبناء المؤسس عبد العزيز بن سعود. لكنه قام هذا العام بتسمية ابنه محمد وليا للعهد بعد عزل ولي العهد الأمير محمد بن نايف. وأنهى المهمة الأسبوع الماضي عندما أطاح ابن أخيه متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني حيث جمع السلطة في يدي ابنه: الداخلية والجيش والحرس الوطني. ويقول عادل حمزية من أوكسفورد غالف أند أريبيان بننسولا “يتحدثون عن تعبيده الطريق له ليكون ملكا ولكنني أصفه بالملك الآن” أي ابن سلمان. وبدأت الملصقات التي تحمل صورته ووالده وجده الملك عبدالعزيز تزين شوارع الرياض حيث تربط بينه وبين المؤسس. ويرى العارفون به أنه يقدم نفسه وارثا لعبد العزيز.

لم يذكر اسم والده ولو مرة ما يعطي صورة من هو المسؤول

ويحيط ابن سلمان نفسه بمستشارين أمريكيين وبريطانيين، ومن الأمريكيين الذين ساعدوا في تشكيل رؤية 2003 قال أحدهم : “في لقاءات غطت 12 ساعة لم يذكر اسم والده ولو مرة ما يعطي صورة من هو المسؤول”. وقابل سير جينكنز السفير البريطاني السابق في الرياض الأمير محمد عدة مرات بين 2012- 2015 ويعتقد أنه كان يحضر للملك مع أنه كان في منتصف العشرينات من عمره. و “كان دائما إلى جانب والده في اللقاءات، لا يقول الكثير بل يأخذ ملحوظات”. وقال جينكنز: “تعبت من وصفه بولي العهد المتهور فهذا ليس تهورا وتم التحضير له منذ سنوات”. ومع ذلك عندما صدر تعيينه نائبا لولي العهد لم يكن معروفا خارج بلاده وحتى عمره كان سرا. وقال مسؤول أمريكي: “السعودية هي في كل الأحوال مبهة وم ب س هو في الحقيقة مثل شيخ خليجي بنظارات سوداء”. فوزير للدفاع استخدم المقاتلات السعودية الباهظة الثمن – 100- لشن حرب مكلفة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. وزاد من الدعم للمعارضة ضد نظام بشار الأسد. وكون صورة رجل “الفعل” حيث ظهر على شاشات التلفزة وهو يزور غرف الحرب وزينت صوره اللوحات الإعلانية في البلد. وتحدث آية الله خامنئي، مرشد الثورة الإيراني ساخرا من أن” شبابا من دون تجربة يسيطرون على شؤون البلد واستبدلوا الكرامة بالبربرية”. إلا أن صورته جذبت الشباب السعوديين الذين تعودوا على ملوك في الثمانين من أعمارهم يحكمون البلاد. وحظي بدعم في الداخل والعالم السنّي في الخارج الذي رآى في تحرك السعودية ضد إيران التي تدعم الحوثيين خطوة متأخرة. ولدى الأمير أتباع كثيرون على التويتر وهناك حملة لجعله “رجل العام”. ولكن حربه في اليمن والغارات الجوية أدت لمقتل أكثر من 5.000 يمني ودمرت البنى التحتية وقادت لما سمّته الأمم المتحدة “كارثة من صنع البشر”. وكأن كارثة واحدة في الشرق الأوسط لا تكفي. ففي بداية الصيف قاد حملة لعزل قطر التي لم تذعن واحتشد سكانها خلف أمير شاب ووجد حلفاء لها أتراكا وإيرانيين. ولم يكن حزم السعودية في السياسة الخارجية رخيصا، فقد كانت تنفق من احتياطاتها بسبب تراجع أسعار النفط. ويرى الأمير أنه من دون تغيير للمملكة فستعاني من أزمة تقود لثورة بين الشباب الذين زاد عددهم منذ حرب الخليج الأولى. ويرى حمزية “ما يحدث الآن فوضى” و “هو يتحرك بسرعة جدا. فمن أجل تغيير الاقتصاد فأنت بحاجة للاستثمارات الخارجية وبهذا النوع من القرارات المتقلبة فلِمَ سيحضر المستثمرون الأجانب إليك”. وأضاف “دائما ما وصفت السعودية بالطائرة ذات الجناحين: العائلة المالكة والوهابية، ولو دمرت أحدهما فستتحطم الطائرة”.

يخت بـ500 مليون دولار

وفي الوقت الذي رحب فيه السعوديون بمحاربة الفساد وكذا دونالد ترامب الذي كانت أول زيارة خارجية له إلى السعودية، إلا أن فرض سياسات تقشف والقيام بحملة لمكافحة الفساد أدت إلى استغراب الكثيرين خاصة أن الأمير نفسه أنفق 500 مليون دولار لشراء يخت من ثري روسي بعد 100 مليون دولار أنفقها والده في رحلة استجمام في المغرب. وقال ميللر “المشكلة أنهم كلهم أمراء ولا شفافية وأنفق الرجل 500 مليون دولار على يخت، من أين جاء بهذه الأموال لشرائه؟”.

ويرى بعضهم أن الحركة التي قام بها الأمير هي لقمع أية معارضة داخل العائلة لوصوله إلى العرش. وفي لقاء حاد عقده الأمراء هذا الصيف كشف عن معارضة له أكثر مما كان يعتقد. وفي العادة ما أخفت العائلة السعودية خلافاتها سرا إلا أن الأمير المتعجل ذهب بعيدا. ومع وجود آلاف الأمراء فلا نقص لمن يرغبون بالعرش أو الأعداء. وطلب من كل الأمراء البقاء في المملكة وتمت السيطرة على فندق آخر وهو الماريوت لتحويله إلى سجن فاخر. والتحدي الأكبر للأمير هو أن يظهر نجاعة إصلاحاته. ويقول دبلوماسي:”هذا التطهير ومحاولة السيطرة تعني أن م ب س مسؤول عنها ولن يتحمل أحد المسؤولية غيره وهذا أمر خطير”. وليس غريبا أن يبدأ المتسولون السوريون الظهور في شوارع الرياض ولكنها قد تكون رسالة للسعوديين من ولي العهد أو مستشاريه “لقد نجونا من الربيع العربي وهذا ما سيحدث لكم لو انتفضتم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى