انقلاب ؟ في أميركا ؟ / فؤاد القضاة

انقلاب ؟ في أميركا ؟
عنوان صادم.. وجذاب بالتأكيد ذلك الذي طالعنا على موقع صحيفة الواشنطن بوست حتى وإن كان من قبيل الخداع الإعلامي، فليس لعنوان الخبر بالطبع اي علاقة بمضمونه أو على الأقل لا يتحدث عن الانقلاب بالمعنى الذي نعرفه أو حتى قريبا منه، لكنه ينجح بالتأكيد بشد انتباه كل من يطالعه .
انقلاب؟ في اميركا ؟
ولم لا ؟ لم لا نطلق لخيالنا العنان.. فنتأمل ، ونحلم؟
فالراعي الرسمي لجميع انقلابات العالم “النائم” لا بد وأن يتذوق يوما مما يطهو ! حتمية التاريخ تؤكد ذلك .
يوما ما، سيصدر احد ضباط الجيش الامريكي ، وليكن (الفريق “ميسي” مثلاً) البلاغ رقم (1) معلنا الركوب فوق ظهور الشعب الامريكي والاستيلاء على السلطة بغرض محاربة الإرهاب”المحتمل”. وسيزرع أعضاء عصبته” الشرفاء” في مفاصل الدولة الامريكية لإحكام القبضة الحديدية عليها لحفظ” النظام”، وسيتقاضى هؤلاء طبعا أجورهم وأتعابهم وبدل”خدماتهم” التي ستشفط كل دولار وكل سنت في خزينة العم سام، بل وستضطر الحكومة الامريكية في سبيل ضمان رخاء ورفاهية رفاق الزعيم الجنرال (الفريق الذي سيرفّع نفسه لرتبة مشير) للاقتراض من صندوق النقد الدولي الذي سيشترط زيادة الضرائب ورفع الأسعار ورفع الدعم ورفع……أشياء أخرى كثيرة (فيما عدا كرامة المواطن) !!
سيفتقد المساكين الأمريكان أمورا كالديمقراطية التي طالما “تفشخروا” علينا بها ، وسيفتقدون حقوق الانسان.. حرية التعبير وحرية التظاهر، ففي عصر الجنرال “ميسي” (أخو أخته اللي يطلع في مظاهرة).
شرايين الفقراء ستنضب منها الدماء التي سيتم تقطيرها لتصير نبيذا فاخراً يرضي ذوق “جميع رجال الرئيس”.
سيتعرفون على عبارات ومصطلحات كانت دوما غامضة وغير مفهومة لهم : لهط ، فساد ، واسطة ، محسوبية، أبناء الذوات ، حيتان (المساكين طول عمرهم فاكرين ان الحوت الحقيقي يعيش في الماء!!).
سيتعرفون الى بعض نظرياتنا الثورية في الرياضيات والفيزياء ، كيف يمكن مثلا ان ننفق مليارات ومليارات ثم نحصل على = (لا شيء)!!
ستطرب آذانهم لعبارات مثل : مش شغلك يا مواطن ، انتو متعرفوش انكم نور عينينا؟ ، إلى الامام.. الى الامام ، زنقة زنقة ، وأمريكا حتبقى أدّ الدنيا ، فاتكم القطار ، والضرائب تصب في “مصلحة المواطن” و…. و…
ولكن أكثر ما سيفتقده الأمريكان “اليانكيز” سيكون بالتأكيد :
طعم الهوت دوغ والتشيز برغر والبيتزا التي ستصبح رفاهية لا قدرة لهم عليها ، وسيفتقدون “الويك إند” وشمّات الهوا ،. ومباريات البيسبول والسوبر بول.
لن يكون لدى المساكين أبناء العم سام متسع للتألم والتأسي على مجد غابر وامبراطورية تبخرت برمشة عين ، ولا على كبرياء ضاع ولا على كرامة امتهنت بعد عزة وتكبر وغرور كانت يوما تطغى على كل الوجود ، فسوف يكون لديهم ما هو أهم بكثير ليبكوا عليه :
حياة كاملة يتم السطو عليها وقرصنتها..
وأجيال بأسرِها يتم أسرُها..
والأهم من كل ذلك .. أحلام تكبّل بالأصفاد والأغلال .
تلك هي الوجبة التي تطعمها اميركا قسراً لشعوب مزرعتها وفي مقدمتهم بالتأكيد “الحظيرة العربية”. ولا نملك حالياً إلا الأمل بأن نشهد راعي “البقر” الأمريكي يشاركنا تناول الطبق ذاته يوماً ما … يوماً ما سنتلذذ بمشاهدة أميركا العظمى تنقلب إلى إحدى “جمهوريات الموز” التي طالما عبثت بها وتلاعبت بمصائرها .
الأمنيات سلاح العاجز ؟ هذا صحيح .. ومن قال اننا لسنا كذلك ؟

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى