حكومة “متوحشة هايصة ” و شعب “لايص”

حكومة “متوحشة هايصة ” و شعب “لايص”.
عبد الفتاح طوقان

حتى وقت قريب كان من السهل تحديد الحكومات الأردنية الأكثر شهرة على نطاق واسع، وكان أي طرف ثالث قادر علي وصف وتصنيف جوهر الحكومة والتذكير بها، الا ان الحكومات مؤخرا بدت تتشابه والضباع المتوحشة التي لا تشبع، تنهش في جيب المواطن تحت مسمي” الالتزام والاعتماد على الذات”، ولا يوجد وصف مؤدب لتصنيفها. حكومة هايصة بامتيازاتها وتتلذذ في اصدار الضريبة تلو الأخرى.

على سبيل المثال حكومتي وصفي التل وهزاع المجالي كانتا يخولان الجذور الأردنية، حكومة طاهر المصري دورها ان تدمج الفلسطينيين في صميم البلاد إرضاء لطلب امريكي و المجتمع المدني، حكومة زيد الرفاعي لتحفيز الاقتصاد وضخ الاموال للمشاريع و تحسين العلاقات مع الجمهورية السورية، حكومة احمد عبيدات دمغت بأنها لمحاربة الفساد، حكومة الدكتور عبد السلام المجالي وصمت انها لأنشاء السلام مع إسرائيل، حكومة الدكتور عون الخصاونة عانت لإعادة هيبة الحكومة وارجاع الولاية العامة لها، حكومة علي أبو الراغب اعتبار اللاجئين مواطنين أردنيين لهم حقوق المواطنة الكاملة والعلاقة مع العراق بشكله الجديد والقاطع الخاص، وحكومة عبد الكريم الكباريتي لإعادة علاقات مع الخليج و الاستثمارات، حكومة فيصل الفايز لإرضاء العشائر وتهدئه الشعب ، حكومة سمير الرفاعي مرحلة جديدة للتوسع في نهج شباب المستقبل و التأسيس لمرحلة جديدة، حكومة نادر الذهبي لجذب الاستثمارات ، حكومة الدكتور عبد الله النسور التحول الي الحكومات البرلمانية، وهلم جرا، سمها ما شئت.

هذا وقد يختلف البعض حول مسميات ووصف الحكومات حيث يري كل سياسي واقتصادي الحكومة من منظور مختلف، لكن على الأقل كان هناك خط جامع وفكر منهجي، وفي ابسط الحدود الدنيا مراعاة تواجد شعب يبحث عن رغيف الخبز والستر.

مقالات ذات صلة

الا ان ذلك الوصف والاختلاف والمنهج لم يعد متواجدا اليوم، حيث احتكارات المناصب المتصاعدة اليوم الغت كل امل في الإصلاح، ثم الفشل المتواصل لبضع من الحكومات المعدلة والمُشكلة، وقيام بعض الحكومات الجديدة بنفسها وتحديدا حكومة الدكتور هاني الملقي بوضع معايير “فرض الضرائب” و ” اعتماد المواطن على ذاته” و “الغاء الدعم ” والتي لا حدود لها او سقف له، حلا لمديونية بلغت ثلاثين مليار دينار تعجل بإفقار الشعب وأدت الي الانقسام الاجتماعي والاقتصادي لاغية مفهوم الحدود الوطنية.

اين تبدأ هذه الحكومات واين تنتهي ؟،اليس في يد صاحب قرار انهاء عمرها او منحها قبلة الحياة الوزارية.

لقد تم اختيارها وتكليفها علي اساس مهمة تنظيم جميع ثقافتها وعلمها ومعرفتها لخدمة الشعب والبلد، ولكن ثبت أن هذا التفكير ضيق جدا، وانحرفت عن مسارها بجهل طاقمها وضعف رؤيتها وباتت مقتنعة خطاء أنها تهدف إلى بناء تأثير قوة على حساب الناس ومن المال الخاص لديهم يبقيها في موقعها ويصدرها.
الا يتطلب هنا التدخل الجراحي الملكي لوقف أطروحة زيادة الفجوة بين الطبقات وانهيار المجتمع تحت اقدام الشلل السياسية؟،

الحكومة الحالية تريد أن يستيقظ الناس في الصباح علي نغمة سحب أموالهم ومدخراتهم منهم وإضافة المزيد من الضرائب عليهم، وتوجيه الشعب خلال اليوم الي نقطة ” العدم”، وأبدا، عدم ترك تماما جانب الشعب امنا.

وتطمح الحكومة بتشكيلتها السيئة الحالية، ذات الرؤية المنعدمة، إلى أن تصبح الجهاز التنفسي الضريبي للمواطن، تتسارع في نهب كل ما يملكه المواطن بما فيها وثائقه ومواطنته وماله.

واقصد ان قرارات الحكومة اضرت بالشعب، وساهمت في ازدياد عدم المساواة في الدخل الذي أصبح منخفضا كثيرا بين شرائح المجتمع وأصبحت الفجوة بين المداخيل كبيره إلى حد ما، لذلك لم يكن هناك الكثير من الفرص الا لنخبة معينة مقربة البوابات العليا من أجل الاستيلاء على الحكومة والامتيازات ورمي الشعب في قارعة الطريق.

هي حكومة” متوحشة” بلا منهجية او استراتيجية، بلا عقل، تغولت على مال المواطن البسيط، وأسست لثقافة الاكتئاب الشعبي، وقامت بوضع كتالوجات خاصة بها غير مقيده لنواياها وانحرافاتها وزيادة مكتسباتها بطمع غير متناه.

ليس صعبا ألا يتعب الشعب من هذه الحكومات وقرارتها التي غالبا ما تجعل الحياة للمواطن صعبة الي أقصى الحدود. اقصد ان الإجراءات الحكومية الاخيرة والتصريحات الاستفزازية التي تضرب مصير ومستقبل حياة الشعب في عرض الحائط وما يحدث من تجاهل للشعب ومقدراته سيؤدي الي تفجير صمام الأمان الاقتصادي والأمني والاجتماعي للدولة عاجلا او اجلا لا محالة.

على مدى أجيال مر الاردن بحكومات سيئة لكن ثورات الشعب لم تشهد مثل هذا التحدي ببقاء الحكومة على شاكلتها من قبل، مما يضعف الولاء للوطن.

لا مفر من تدخل جراحي وسريع حسب تقرير التصوير الطبقي المحوري الذي يؤكد عملية التنظير الحكومي التي تمت فاشلة بكل مقاييسها. يتحدث الخبير الطبي عن حاجة الوطن الي جرّاح خبير مختص وطاقم من الأطباء والممرضين الماهرين لأجراء عملية قلب مفتوح وغسيل معده بينما طاقم الحكومة يده على أسطوانة الاكسجين التي تمد المريض بمستلزمات البقاء على الحياة، تناقش بلا ضمير او خجل او اخلاقيات الطب والانسانية كم هي كميات الهواء المقرر سحبها من المريض “اللايص” لملء أجهزة تكييف قصور “الهايصين” وتبريد بواسيرهم.

المستشفى قابل للأغلاق او التغيير ، فاحذروا.

aftoukan@hotmail.com.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى