عدوى الترشح للانتخابات بين الاردنيين ..رؤية تحليلة

عدوى الترشح للانتخابات بين الاردنيين ..رؤية تحليلة
ا.د حسين محادين

( 1)
بداية، دستوريا وقانونيا من حق كل مواطن او مواطنة الترشح الى اية انتخابات مادامت تنطبق عليه الشروط القانونية المُحدِدة لذلك، وهذا جزء من العملية الديمقراطية الاردنية عبر صناديق الاقتراع منذ عقود طويلة.
(2)
من الواضح لمتابعي الشأن العام وأنا واحد منهم، ان هناك اعلانات كثيرة وآخذة في الزيادة لأشخاص من الرجال تحديدا، يعلنون هذه الايام نيتهم المسبقة الترشح لرئاسات او عضويات كل من البلديات ومجالس المحافظات
“اللامركزية”بصورة لافتة للمتابع .
(3)
بناءً على ما سبق؛ يظهر امامنا السؤال الواخز التالي، لماذا تُبدي كل هذه الاعداد المتزايدة رغبتها المتسرعة في الترشح لهذه المجالس الخدماتية المحلية؛ اي غير التشريعة كمجلس النواب مثلا؟ دون ان ننسى بأن مشروع قانون الادارة المحلية الذي سيزاوج بين اعمال وعضوية مجالس البلديات والمحافظات في أليات وشروط الترشح والانتخاب ونوعية التمثيل والعمل الميداني لهذه المجالس وبصورة مختلفة عما سبق . وهو مشروع قانون سبق وأن قدمته حكومة د. عمر الرزاز الى مجلس النواب الثامن عشر والذي لم يناقشه ذاك المجلس ، ولا نعلم للآن متى سيُناقش او ان كان سيُقر كما قُدم من الحكومة السابقة في دورة مجلس النواب التاسع عشر بعد إلتأمه الذي لم يُعرف متى سيلتئم بالمعنى الدستوري؟.
(4)
لعل المدقق المنصف في اسماء المترشحين الذين اعلنوا ومازلوا يعلنون عن رغبتهم المسبقة بالترشح لهذه المجالس المحلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وبعد قراءة متفحصة من قِبلي لصفحاتهم الشخصية عموما وبحثي عبر مكتبة “جوجل” الالكترونية، لاحظت ما يلي:-
ا- ان جُل هذه الاسماء- مع الاحترام- للجميع التي اعلنت عزمها في الترشح لم تظهر في محتويات ومضامين صفحاتهم الشخصية كجزء مُعلن من تاريخهم ونشاطهم الشخصي والعام، اية فعاليات عملية او حتى اهتمامات فكرية منشورة في الشأن العام على هيئة مقالات، او صور لاعمالهم التطوعية الغائبة ، او حتى الانتقادات المتواصلة من قِبلهم -ان كانوا مهتمين- لضعف الخدمات التنظيمية والبيئية العامة في مناطق سكناهم ضمن المحافظات، او حتى بحدود البلدات التي يعيشون فيها مثلا؛ ما يعني اوليا بأن هؤلاء المترشحين ،ليسوا من اصحاب التاريخ الشخصي المهتم بالعمل المحلي والعام عموما، وهنا يبداء السؤال بالتبلور، لماذا، وما المعاني المُستنتجة من اعلان ترشح مثل هؤلاء للانتخابات منذ الآن، هل هو سعيهم لحجز مقعد دقارة، ام اشهارهم لعمل إستباقي عبر ترشحهم غير المبرر وكأنه أمر واقع نكاية بأخرين، ام انه عملا ثأرياً من غيرهم كرد فعل متنامِ على واقع التنافس او حتى الصراع بين أفراد او مجاميع عائلية هنا او هناك اثناء وبعيد الانتخابات النيابية التي ظهرت نتائجها المحبطة لهؤلاء منذ الشهر الماضي.. وبالتالي حان وقت الثأر من منافسيهم السابقين بالمعنى العشائري والمناطقي في آن، ام ان هذا الترشح المسبق وغير المفهوم- لي كراصد ومحلل في علم اجتماع التنمية – من قبل غير المتخصصين تنمويا ،هو سعي لحجز مقاعد عشائرية لمناكفة أخرين، او ان هذا النوع من الترشح يمثل تعبيرا اولياً عن نية أفخاذ من هذه العشائر والعائلات تلك وضع شروط مسبقة تمهيدا للتفاوض المادي او حتى المعنوي مع مرشحين اقوياء محتملين لاحقاً عُرف عنهم تخصصهم في العمل العام مثلا ، وبالتالي عمل اعاقة لاحتمالية فوزهم في انتخابات تبدو من الآن انها عشائرية المؤشرات و النتائج بغض النظر عن الانعكاسات السلبية اللاحقة على مستوى وعناوين الخدمات التنموية محلياً والتي يفترض ان تقدمها هذه المؤسسات المحلية في حال فوز اصحاب الاختصاص في قيادتها كما يفترض .
(5 )
ان كثرة المترشحين من غير المختصين و استمرار الترشح التصويت لهما على أسس عشائرية فقط، انما يعني ايضا ان هذا الوضع في حال استمراره سيحقق لبعض مشاريع المترشحين الموسمين او الطارئين بعض المكاسب المادية الشخصية من المال الاسود مقابل انسحابهم لصالح آخرين ممن سيدفعون لهم من اصحاب النفوذ والطامحين بالرئاسات او العضوّيات رغم استمرار جائحة كورونا ومصاحباتها من جهة ومن الجهة المتممة سيخسر ابناء المجتمعات المحلية خارج حدود العاصمة عمان وامانتها الكبرى؛ الكثير من فرص التطور والتحديث في بلداتنا وبلدياتنا المختلفة على صعد التخطيط والصحة والتنفيذ الميداني للمخططات التنظيمية الشمولية بصورة علمية ومتوازنة التوزيع لمكتسبات التنمية بين مراكز المحافظات والمناطق التابعة لها اداريا وتنمويا .
اخيراً..هل يمكن الاستنتاج علما ومعايشة ان عدوى الترشح الانتخابي المتنامية حالياً، لاتقل خطورة تنموية عن تفشي وفتك فيروس كرونا المتصاعد في حياة الاردنيين ومؤسساتهم المحلية والوطنية هذه الايام.
تساؤلات مفتوحة على التفكر وضرورة الوقاية من استمرار تفشيهما معاً؛ أقصد “فيروس كورونا وكثرة المترشحين مسبقاً للبلديات واللامركزية من غير ذوي الاختصاص “.

*عميد عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
* عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى