” استخدم عقلك !”

” استخدم عقلك !”
د.محمد شواقفة

يعرفني الكثير من الاصدقاء بأن تفكيري مختلف و لهذا الأمر وجهان … و حقيقة لا يزعجني ذلك أبدا … و قد يعرف البعض أنني أروج لنظرية أن تفكر كثيرا فيما تقوله و لا تقول ما تفكر به دائما … و لكنني عادة لا أطبقها و لا أتبعها !!

وضعت صاحبة الدعوة ثلاث قطع من اللحم في كل صحن إلا في صحني فوضعت قطعة واحدة فقط … تملكني الغيظ و الحنق و نظرت حولي لكل الصحون فكانت كلها مليئة بثلاث قطع في كل منها …. مع أنه يبدو أن قطعة واحدة لكل واحد أكثر من كافية … و لكنني إستغربت هذا التصرف و قفز لذهني الكثير من الأفكار … أولها: لماذا ؟! …. و لكنني إلتزمت الصمت و تظاهرت بأن كل شئ على ما يرام … و بقيت صامتا و بقطعة واحدة من اللحم في صحني !

كانت صاحبة الدعوة تنظر لي باستمرار و تبتسم مما أوحى لي بأنها لربما لم تقصد و بأنها أعطتني قطعة واحدة بطريق الخطأ … و لكنني الوحيد بين جميع الجالسين … فقررت أن أتكلم: شكرا سيدتي .. لقد أعطيتني قطعة واحدة فقط بينما أعطيت كل الآخرين ثلاث قطع … لا بد أن هناك خطأ ما ؟!

مقالات ذات صلة

ردت عليه بكل برود و بنفس الابتسامة : ألا تظن أن قطعة واحدة تكفيك ؟!.

كانت الوفود تأتي لتهنئ القائد الهمام بانتصاراته الوهمية في ذات الزمان من كل عام … و رغم سعادته بالزائرين الا أنه في قرارة نفسه كان يغيظه أن هناك الكثيرين الذين لا يلقون بالا لاحتفالاته … وكان يستشير ندمائه لكي يفسروا له لماذا لا يأت الجميع لتهنئته … لم يك أحد يستطيع أن يخبره بحقيقة الأمر و بأن ما يحتفل به ليس إلا وهما يحتفي به هو و يسانده في ذلك المنافقون و المتنفعون…. و لكنه كان يصر على السؤال و يطالب بحزم ليسمع الجواب … أخبره كبير مستشاريه أن صفوة المجتمع و نخبته هم الذين يصدقونه و يدعمونه … و الذين لا يحضرون هذه المناسبات هم من العوام و الفاشلين و لا أثر لهم سواء غابوا أو حضروا …

تخفى يوما و ذهب إلى السوق و أبرز صورته لأحد الاولاد و قال له: أتعرف من هذا؟ … فقال الولد بدون تردد: هذا ” الغول”… فتساءل بذهول: ألا تعرف من هذا حقا: فأجابه الولد الصغير: نعم أعرفه ..فهذا هو الغول …عاد الحاكم لمجلسه و أصدر أمرا بتغيير لقبه: ليكون الحاكم الغول حفظه الله.

كان أشعث الهيئة رث الثياب بعد سفر طويل … عندما دخل لأرض السوق لم يكترث لأمره أحد و كانوا ينظرون له بإشمئزاز.. وقف في منتصف السوق و نادى: يا أهل السوق ما تحمل راحلتي من بضاعة لأي شخص يطعمني و يؤويني لهذه الليلة .تهافت عليه علية القوم و التجار كل يقدم له خدماته طمعا بما قد يكون فوق ظهر تلك الراحلة.

في الصباح كان قد نال قسطا من الراحة و نام في أفضل الاماكن و في أجمل البيوت … أنزل حمولته لصاحب ذلك البيت و غادر. كان الجميع يحسدون التاجر المضيف لغنيمته السهلة من ذلك الغريب… و لكنه لم يبح لهم بما وجده في حمولة الراحلة… و قال لهم: أنصحكم أن تفعلوا ما فعلته مع ذلك الرجل … و هو يقول في نفسه: لن أكون أمامكم مخدوعا و مغفلا … فلم يكن في حمولة الراحلة أي شئ له قيمة !!

” دبوس على التفكير ! ”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى