نفاق سياسي / مصطفى الشبول

عمل احمد (بوساطة ابن عمه) في مطعم المدينة للوجبات السريعة، فأحب عمله الجديد وأحب إدارة المطعم ومنتجاته ، وكان احمد يبث الدعايات الجميلة والإعلانات الرائعة لهذا المطعم ، فكان إذا ما رجع إلى حارته وأهل بيته يقول : لا يوجد طعام شهي ولذيذ إلا في مطعم المدينة ، ولا يوجد شاورما أزكى من الشاورما التي تعد في هذا المطعم ، وكان احمد كثير المديح والتمجيد بمطعم المدينة ومنتجاته ودائماً يقول : ( عند مطعم المدينة فول وحمص ولا بمطاعم الشام ، أما الفلافل لا تسأل عنها حارّة وزاكية ، لعاد الصفايح والعرايس بتوكل أيدك وراهن).
لكن يا فرحه ما تمت ، فقد قام صاحب المطعم بالاستغناء عن احمد وخدماته لأسباب خاصة، فتغير حال احمد وكلامه وتغيرت مواقفه من هذا المطعم ، فأصبح عندما يسأل احد الشباب عن أفضل المطاعم ليأخذ خطيبته إليه ، يقول احمد : كل المطاعم رائعة وطعامها لذيذ إلا مطعم المدينة الذي عملت فيه ، فأنا اعرفه وأعرف كل أسراره ، (فالشاورما مغشوشة،والحمص يطحنون معه الخبز العفن ، والفول مسوّس ، والفلافل بتعمل حرقة بالمعدة ، والصفايح والعرايس غير نظيفة).
فهذا هو الحال في عالم السياسة ، وحال احمد لا يختلف تماماً عن حال المسؤولين ، فعندما يكون المسؤول داخل سرب الحكومة أو النيابة أو الإدارة أو حتى البلدية يدافع بكل شراسة عن هذا الكرسي وعن هذه الحقيبة وعن القرارات الصادرة منها بغض النظر صائبة كانت أم خاطئة ، وإذا ما أصبح هذا المسؤول خارج السرب ، محلقاً وحده بلا كرسي وبلا حقيبة ، أخرج أنيابه المعارِضة وشعاراته المحارِبة للفساد والفاسدين المحلقين داخل السرب الجديد ، حاملاً الوثائق والدلائل التي تدينهم .
فالسؤال هنا، لماذا لم تحارب الفساد والفاسدين وأنت تغرد داخل سرب الحكومة أو النيابة أو البلدية ؟ ولماذا لم تبرِز الوثائق والدلائل وأنت على كرسي المسؤولية؟ وكيف انقلبت رأساً على عقب وبيوم وليلة من محامي دفاع عن المنصب والكرسي إلى معارض ومحارب للفساد والفاسدين؟
فهذه الشعارات كلها كذب ونفاق ، وهكذا يمارسوا ما يسمى بالنفاق السياسي ، لأنهم لو أعادوهم لداخل السرب ، لعادوا يدافعوا ويقاتلوا عن الحقيبة والكرسي بشراسة أكثر ،،،فسبحان من يغير الأحوال من حال إلى حال.
مصطفى الشبول

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى