خطة ترامب لإزاحة الأسد … 3 خيارات

سواليف

هل يمكن للتهديد بتوجيه اتهامات بارتكاب جرائم حرب أن يقنع رئيس النظام السوري بشار الأسد بالتخلي عن السلطة؟ ماذا عن ضمان أمنه في المنفى؟ هذه المقترحات مستبعدة الحدوث في القلب من الجهود الجديدة لإدارة ترامب لحل أزمة الصراع السوري الذي دام ستة أعوام.

رغم أنَّ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما تزال قيد التطور، فقد اتضحت معالمها منذ أمر بشن الهجمة الصاروخية على قاعدة الشعيرات الجوية السورية لمعاقبة الأسد على الضربة التي استخدم فيها الأسلحة الكيماوية. تنقسم هذه الإستراتيجية إلى 3 محاور: هزيمة داعش، واستعادة الاستقرار في سوريا منطقةً تلو الأخرى، وتأمين مرحلة انتقالية سياسية يتنحى الأسد في نهايتها، وفق اسوشيتد برس.

ولا يختلف هذا النهج كثيراً عن النهج الفاشل الذي اتبعته إدارة أوباما، ويمكن القول بأنَّه يواجه تحدياتٍ أكبر.

إذ قاوم الأسد بعنف كل محاولات إنهاء حكمه، فصب النار على زيت الصراع الذي أدى إلى مقتل حوالي نصف مليون إنسان. والمعارضة التي تحارب الأسد أصبحت أضعف بكثير حالياً بعد تعرضها لسلسلة من الهزائم الميدانية. وأية خطة أميركية بخصوص الأسد ينبغي أن تتم بالتعاون مع روسيا، أهم حلفاء النظام السوري. وقال ترامب الأسبوع الماضي إنَّ العلاقات الأميركية الروسية “ربما تكون في أضعف مستوى لها على الإطلاق”.

ومع ذلك، فقد قال الكثير من المسؤولين الأميركيين إنَّ فريق ترامب للأمن القومي يستخدم حالة عدم الاستقرار في سوريا هذا الشهر في محاولة لإعادة تركيز المحادثات مع موسكو.

وعززت الهجمة الصاروخية الأميركية، والتي جاءت رداً على الضربة الكيماوية السورية، الحجة القائلة بأنَّ روسيا تدعم مجرم حرب، واستعادت هذه الهجمة قدرة أميركا على التهديد بالقيام بعملٍ عسكري لو وقعت المزيد من الأعمال الوحشية. وقال المسؤولون إنَّهم يأملون في تجديد التعاون مع روسيا في سوريا، والذي من شأنه المساعدة على إصلاح الروابط المكسورة بين واشنطن وموسكو.

وتشمل الخطة الجديدة لترامب هذه المحاور، وذلك بحسب الكثير من المسؤولين الأميركيين الذين لم يُسمَح لهم بمناقشة اعتبارات السياسة الداخلية، وطلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم.

المرحلة الأولى: هزيمة داعش

شكلت الضربة الجوية لترامب أول هجمة أميركية ضد قوات الأسد، لكن ليست هناك رغبة في استخدام الجيش الأميركي في خلع الأسد. فقد قال هربرت مكماستر، مستشار الأمن القومي لترامب، يوم الأحد إنَّ الولايات المتحدة لا تخطط لإرسال المزيد من القوات البرية.

وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الأسبوع الماضي: “لا تزال أولويتنا هي هزيمة داعش”.

وخسرت داعش جزءاً كبيراً من أراضيها التي كانت تسيطر عليها في العراق وسوريا باستثناء الرقة، المدينة التي أعلنها التنظيم عاصمةً له، والتي تستعد الولايات المتحدة وقوات المعارضة الحليفة للهجوم عليها في الأسابيع القادمة.

المرحلة الثانية: الاستقرار

بعد هزيمة داعش أو إبطال تهديدها، سوف تحاول الإدارة الأميركية التوسط لإبرام اتفاقية وقف إطلاق نار في المنطقة بين حكومة الأسد والمعارضة السورية. مع العلم أنَّ مثل هذه الاتفاقيات لم يُلتَزَم بها قط.

وتحدثت إدارة ترامب عن “مناطق استقرار انتقالية”. سوف تكون هذه المناطق مختلفة عن “المناطق الآمنة” التي فكرت إدارة أوباما بها لكنَّها لم تنفذها قط، لأنها تتطلب حضوراً عسكرياً أميركياً لفرضها، إلى جانب التعريض المحتمل للقوات الجوية الأميركية للدخول في مواجهة مع القوات الجوية السورية.

وطبقاً لخطة ترامب، سوف تكون حكومة الأسد طرفاً في مناطق الاستقرار تلك، ويمكن للقوات الجوية الأميركية أو العربية حراسة هذه المناطق دون الاشتباك مع الطائرات السورية.

وتأمل الإدارة الأميركية أنَّه بعد استعادة الأمن سوف يعود القادة المحليون الذين أُجبِروا على الفرار لقيادة حكوماتٍ محلية. وقد يساعد أولئك القادة المحليون في تأمين الخدمات الأساسية والحفاظ على الأمن في سوريا. الفكرة أنَّ قواتٍ سنية سوف تحمي المناطق ذات الأغلبية السنية، وقواتٍ كردية سوف تحمي المناطق الكردية، إلخ.

ويهدف هذا الأمر على المستوى القومي إلى إنشاء سلطة انتقالية تحكم سوريا مؤقتاً. وحاولت محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة إنشاء مثل هذه السلطة لسنوات، لكنَّها فشلت.

المرحلة الثالثة: انتقال السلطة

رغم تضارب تصريحات مسؤولي إدارة ترامب حول مستقبل الأسد، فإنَّ هذه الخطة الجديدة تشتمل على انتقالٍ سلمي للسلطة. ويمكن لمغادرة الأسد لمنصبه أن تتم بالعديد من الطرق.

إحدى الاحتمالات أن تُجرَى انتخاباتٌ بموجب دستورٍ جديد، يمنع الأسد من الترشح فيها.

والاحتمالية الأسوأ هي رحيل الأسد بمثل الطريقة التي رحل بها الدكتاتور الليبي السابق معمر القذافي، أو صدام حسين في العراق، اللذين قُتِلا بعد خلعهما.

والخيار الثالث هو استغلال التهديدات باتهام الأسد بارتكاب جرائم حرب باعتبارها ورقة ضغط. ومع أنَّ الإدارة الأميركية تؤمن بإدانة الحكومة السورية، فإنَّ ما يهم هو ربط جرائم الحرب بالأسد نفسه.

وسوف تكون مقاضاة الأسد أمراً صعباً لاعتباراتٍ قانونية وجيوسياسية.

وليست روسيا وحدها من يؤيد الأسد، وإنَّما إيران أيضاً. وحتى الآن لم تذكر الإدارة الأميركية أي شيءٍ حول العمل مع طهران لتعزيز السلام في سوريا.

ولكنَّ الإدارة الأميركية مع ذلك تعتقد أنَّ التحقيق بارتكاب جرائم حرب، وتوفير منفى آمن خارج سوريا، ربما في إيران أو روسيا، قد يكون إجراءً مقنعاً.

وقال المسؤولون إنَّ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي الأسبوع الماضي في موسكو أنَّ هذا العرض والرحيل الطوعي للأسد هو الخيار المفضل للإدارة الأميركية.

وقال تيلرسون في المؤتمر الصحفي: “كلما مر الوقت، زادت احتمالية رفع تلك القضية. وهناك أشخاص بعينهم يعملون على تحقيق ذلك الأمر”.

ما بعد الفترة الانتقالية

رغم الخلافات بين البلدين، يصر المسؤولون في إدارة ترامب على أنَّ المشاركة الروسية مهمة لإنهاء الحرب، بالنظر إلى النفوذ الذي حازته روسيا في سوريا بعد مساعدة الأسد على استعادة أكبر المدن السورية.

وتسعى الإدارة الأميركية إلى الحصول على الدعم الروسي من خلال ضمان وصول الروس إلى قاعدة طرطوس البحرية، وقاعدة اللاذقية الجوية في أي سيناريو لفترة ما بعد الأسد. ومع ذلك، فمن غير الواضح كيف يمكن للولايات المتحدة تقديم مثل هذه الضمانات بالنظر إلى عدم التأكد من هوية وانتماء حاكم سوريا في تلك المرحلة.

وقال المسؤولون إنَّ تيلرسون قد نقل الخطوط العريضة لهذه الخطة إلى بوتين والمسؤولين الروس في موسكو، بينما طلب من روسيا توضيح مصالحها الأساسية. وقال المسؤولون إنَّ تيلرسون لم يسع للحصول على إجابةٍ فورية، وطلب من الروس التفكير في الأمر. ومن غير المعلوم متى سوف ترد روسيا على هذا المقترح.

(هافينغتون بوست عربي)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى