غباء و وباء


غباء و وباء
د. محمد شواقفة

بكل تأكيد نتعاطف مع الناس و خصوصا البسطاء منهم و الذين يشكلون الاغلبية و الذين باتوا في حيرة من أمرهم في ما الذي عليهم فعله. فهم يدركون خطورة الوضع الصحي و يعرفون أن الفيروس اللعين يحيط بهم من كل حدب و صوب و لكنهم ملزمين بالخروج سعيا لتوفير لقمة تسد رمق اطفالهم بما بقي من دراهم معدودة و هم يتجاهلون حقيقة ان هناك اي خطر او مجازفة و لسان حالهم:”إن خرجنا من البيت مصيبة و إن بقينا فمصيبتين” و هم على يقين بأن الضرورات غلبت المحظورات رغم حقيقة الخطر.
لكن يوجد بين ظهرانينا من يغلبه حالة من الغباء و العناد و يعيش اوهاما من الانكار و يحاول ان يقنعك بأن هناك مؤامرة و بأن كل ما يحدث غير حقيقي حتى و لو دفن عزيزا بيديه و شاهد أحبة يصارعون لأجل أنفاس أخيرة و يرفض الخروج من الكهف ليجد أن العالم تغير و بأن الزمن قد مر من هناك و لم يترك إلا رائحة الموت و الدمار.
لم أثق في الحكومة يوما و لا زلت غير مقتنع بكل ما تقول و تفعل ولكن لا يحتاج الأمر لذكاء عال لندرك أن الوضع خرج عن السيطرة و الحالات في ازدياد مضطرد و الارواح ترحل كل يوم بالعشرات فتوشحت صفحات الوطن بالسواد و سكنت في اركانه الاحزان. لم نعد بحاجة لتوجيهاتكم و ارشاداتكم التي فشلت بالحد من انتشار الوباء وبالتأكيد ولا لفتوى لتقنعنا بلبس الكمامة. لا تعاملونا بذكاء لا تمتلكونه و لا تجعلوا من انفسكم مدعاة للسخرية ابطالا في هذه الكوميديا السوداء.
نعلم أنكم لم تحسبوا حساب هذه اللحظات و لم تعدوا العدة للمعركة الحقيقية التي بدأت للتو و بشراسة تحصد الارواح صغيرها و كبيرها. نوقن بأن خزائنكم فارغة و مستشفياتكم كئيبة، كثير من أسرتها صادرها قانون الكورونا و اغلب الكادر الصحي منهك و ليس له بديل. لا نحاسبكم على سوء ادارتكم بل و نتعدى ذلك لنسامحكم على فشلكم و نبتعد عن انتقادكم مهما فعلتم او لم تفعلوا، لكن مقابل ذلك نرجو منكم الرفق بنا من تصريحاتكم الفارغة و لا تواصلوا اطعامنا جوزا فارغا. ليعرف الجميع انكم فعلا عاجزون و ليس بإمكانكم أن تفعلوا أي شئ. ليعلم الجميع أنه لا خطة لديكم و بأن لجانكم لا تسمن ولا تغني من جوع و جيشنا الأبيض يتراجع القهقرى أمام هذا المرض الرهيب.
يا شعبنا الطيب ليس لك سوى أن تفعل ما تقدر عليه لتكافح الوباء و الغباء، فلا تغامر بنفسك و صحتك و اهلك و التزم بالابتعاد عن أي تجمع و لتكن كمامتك آخر درع قد يحميك أو يمنعك من ان تكون ناشرا للعدوى فالتزم بها. لا يغرنك مراهقي السياسة بتفاهاتهم يدعونك للمشاركة في مسرحية الانتخابات، فحقك بأن تحمي نفسك واجب، و واجبك بأن تمنع الأذى و الشر عن نفسك و أهلك يثبت أنك تحترم نفسك و تحب أهلك و بلدك أكثر من هؤلاء الادعياء. من يدعوك للخروج و المشاركة في ظل هذه الظروف العصيبة فعلا لا ينظر إليك بأنك إنسان له قيمة، بل صوت قد يوصله لغايته و لو كان الثمن صحتك و حياتك. اذا كانت الحكومة لا تحترمنا و لا تهتم لحياتنا او صحتنا و تغامر باغلى ما تملك و هو “نحن” فما بالك بمجلس طارئ لا يملك من امره شيئا، تربطه يد و يحله إصبع. تمتعوا بالحصافة و اتركوا عنكم الكلام الفارغ و لا تتبعوهم لجحر الضب. و التزموا بالابتعاد طوعا او كرها عن التجمعات و التزموا بالحظر الى ان يشاء الله أن يمطرنا برحمته و يخلصنا من الوباء و الغباء!! ليس لنا ولكم الا الله هو حسبكم و نعم الوكيل
” دبوس على الغباء و الوباء”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى