عمّان في عيون “الغرباء” / هبة إميل العكشة

عمّان في عيون “الغرباء”…

لقد أتاحتْ لي فُرصة العملِ في منظّمة إنسانيّة المجالّ لأتعرّفَ على أشخاصٍ من جميعِ أنحاءِ العالم اختاروا عمّان مقصِداً للعملِ والاستقرارِ لسنوات. وكنتُ أتساءلُ دوماً, ما الذي يُعجِبهم في عمّان؟ مدنٌ كثيرة حولَ العالم تفوقُ عمّانَ جمالاً وتنظيماً ونظافةً ,وقد تغدو عمّان مملّة بعد فترة لمن يزورها؛ سيجرّبون جميع المطاعم والمقاهي وسيزورون وسط البلد ويأكلون في مطعم هاشم ويتلذّذون بكنافة حبيبة, وماذا بعد؟
“إنّهم الأشخاص… الأشخاصُ هُمّ من يجعَلُون عمّان رائعة !” هكذا أجابَني زميلي اليابانيّ…

سألَتْني صديقتي الفنلنديّة التي انتقلت حديثاً إلى عمّان -ولا تعرف الكثيرَ عنها- “ما هي الصورة النمطيّة المأخوذة عن الأردنيين؟” فاجبتها: يقال بأنّنا “كشرين”… فقالت أنها لا تظنّ أن الأردنيين “كشرين” أبداً, وأنه في جميع بقاعِ الأرض قد ترى الأشخاصَ عابِسينَ في الصّباح أو عندما يكونون عالِقين في الزِّحام! أما صديقي السويسريّ فقد انبهر بالروابط العائلية القويّة التي تجمَعُني مع أبناء العُمومَة من الدّرَجة الثانية والثالثة وقال لي أنّه لا يوجد حتى مُسمّى لهذه القرابة في سويسرا وأنه بالكاد يتواصل مع أبناء عُمومَتِه من الدّرجة الأولى! وعندما دَعوناه إلى حفل غداء عريسٍ من أقربائنا, لم يصدّق أنّ مئات الأشخاص جاؤوا لتَهنِئة شخصٍ واحدٍ! وقال أنه في سويسرا قد لا يتجاوز عدد المدعوين للزفاف الثلاثين في أحسن الأحوال.

صديقتي الأمريكية قالت لي أن الأردنيين كُرماء جداً, ومن بين المواقف الكثيرة التي أظهرَ الأردنيون فيها كُرمهم ذكرتْ لي أنّها يوماً كانت تسيرُ مع زوجها في شوارع الكرك ومرّوا بالقرب من حفل زفاف, كانت سعيدةً جداً عندما لمَحَهُم أصحابُ حفل الزفاف من بعيد وسارعوا إلى تقديم الكنافة لها ولزوجها. وجميع من قابلتهم من الأجانب قالوا لي أنّهم لم يشعُروا بالأمان كما شَعَروا في عمّان, حتى بلادهم لم يشعروا فيها بالأمان هكذا!

مقالات ذات صلة

تبدو الأردن وأهلها أجمل كثيراً في عيون الغرباء… أحببتُ عمّان أكثر عندما حدّثوني عنها… أحببتُ نفسي أكثر … أعتقد أننا نقسو على أنفسنا أحياناً … ربّما ظروف الحياة الصعبة تَعمِي بَصِيرَتَنا عن كلّ ما هو جميلٌ في بلادنا… وربما هذا هو مَقصِدُ المُفسِديِن؛ يُريدوننا أن نكرهَ البِلادَ, وننقلبَ عليها, ونتقاعسَ عن تحسِينِها, وربما نهجُرَها! يريدون أن يشعروننا بأنّنا “غرباء” في وطَنِنَا! نحن الذين استطعنا أن نُشعِر “الغرباء” بأنّهم في وطَنِهِم!

أقول لكلّ الفاسدين ..أنتم وَحْدَكُم الغرباء عن هذا الوطن, وأرى أنّه في الفترات الأخيرة قد زِدْتُم جُرعة الفساد وأثقلتُم كاهل المواطن لأهدافٍ وَحْدَكُم تعرِفونَها, لكن مهما فعلتُم تذكّروا أنّنا لن نثورَ إلا على الفساد, ولن يكون الوطنُ جزءاً من هذه الثورة, فكما يقول جلال عامر – الكاتب والصحفي المصري-
” قد نختلفُ مع النّظام لكن لا نختلفُ مع الوطن” … تذكّروا هذا الكلامَ جيداً… لن نختلفَ مع الوطن مهما طالَ الزمن.

hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى