مدينة .. تخلع ثوبها ! / أحمد المثاني

.. بطهر ساكنيها ، و بساطتهم في العيش و الحياة .. كانت تلك المدينة .. و قد بنيت على الحب و التعاون .. بعرق العاملين من أبنائها ، و هي تكبر معهم و تمد ذراعيها .. لتطال الأراضي الزراعية التي كانت تزرع بالقمح . .و تتزين في كل موسم حصاد . كانت تلك المدينة تعيش بأخلاق أهل القرية و البادية الذين وفدوا إليها ، بحثا عن مورد رزق ، فبادلوها بإعلاء بنيانها و شوارعها و ساحاتها .. و حباً ، جعلهم يعتزون بها و يحملون ذلك الحب أينما ذهبوا .. كانت تلك المدينة تصحو مع طلعة شمس النهار .. و الكل ينساب في جنباتها و ساحاتها . في متاجرها و مشاغلها .. و يعمل الجميع كل في طلب رزقه .. من عامل أو تاجر او موظف أو صاحب مهنة ..و كانت المدينة تنام وادعة ..مع ساعات الليل الأولى .. و بعد مسامرة بريئة يتبادلها العاملون بعد أن يكونوا قد غسلوا تعب يومهم .. ها هي اليوم ، و بعد أن شهدت تطورات متسارعة و بعد أن تضاعف عدد سكانها و داخلها الثراء فقد أصبحت المدينة تشهد أنماطا من وسائل العيش و الترفيه .. يصل إلى حدّ العبث و الخروج على تقاليدها و أخلاقيات سكانها .. فقد أصبحت المدينة لا تنام في ليلها لهوا .. في ملاهيها و باراتها .. التي جذبت المترفين و الباحثين عن المتعة بأي طريقة .. و لو كانت بيعا و شراء للعفة و الشرف .. في زواياها و مواخيرها .. لقد تغيّر وجه المدينة ، و شابهت مدائن الرقيق الأبيض .. و أصبحت القيم الأصيلة تتوارى .. و تسود مظاهر الانفلات تحت ستار عناوين التحرر و الترفيه ..! فئة من المنعّمين المترفين باتوا يشكلون نمط العيش الجديد .. مع ازدياد علب الليل .. و ازدهار الفندقة و الزندقة و الزوايا الخلفية للمقاهي و المطاعم التي باتت تتحدى صبر غالبية الناس الفقراء من المهمشين و المسحوقين .. فخلف تلك القصور أكواخ الفقر و وراء تلك المطاعم ذات الأسماء الكبيرة و الأنوار اللامعة مئات الجوعى و المحرومين .. خلعت تلك المدينة جلدها .. و تنكرت لمن بناها و أعلاها . . كشفت عن فتنتها و قالت لكل عابر مستهتر .. هيتَ لك ! و كفرت بأنعم الله .. و فسق فيها مترفوها .. فحذارِ .. حذارِ من الهلاك .. فهو سنّة الله . “” و إذا أردنا أن نهلك قرية ، أمرنا مترفيها ، ففسقوا فيها . . الآية – احمد مصطفى المثاني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى