وداعية غروب / محمد حراسيس

وداعية غروب

سأتشارك مع القمر ؛ لن يؤرقني طول سهري مراقبا له ولن يثنيني اختفاؤه عن ناظري إذا غابت اجفاني عن تتبعه بالنهار ، يصدقني النصح في لياليه الفضيه التي تسبق قدوم الجليد بسويعات ، بل هو من يدثرني بملمسه حين استل الاغفاءة من جلسات حواري معه ، يدنيني من عليائه ويجعلني من بعض نوافذ السماء … فهي حديقة طفولته و بها انهك وقت الصبا و منها صار صّبًا طريح هواه ؛ فكم علمته السماء بشمسها فنون العشق و الوانه .

سيكون القمر أنيس الليل يرافق هذياني دونما كلل بالمساء مولعا برواياتي ومتنبها لغفوتي إن قدح الفجر زناد شرارة ؛ كم اشتاق لما سيكون من حنو القمر لهذا المتسلق بخيوط اشعته اللامعه ، سيكون كل ما اريد له أن يكون و سأكون له ما يراه … يكفيني ان اتشارك به كينونتنا في كونه ، وإن ودّ كنت له وجودا في عدمي … و وجوده .

سأبارزه بجمال اللغة اذا انساب النهر من اعماق الفكر لديه وتراصفت حروف المنطق في بحر حديثه ، ساكون المد و بعض الموج في جمل قصيده ، وعواصف هوجاء إذا تم له المعنى في نص حكاياته ؛ سأكون الراوي ان شاء و اقف بحاشية الصفحات حين تلاعب ريشته عيون لا تسلم منها الانواء ، سأكون له ساعته الرملية لا تفرغ حتى يقلبها بين شتات العقل وجدران الصمت الصماء ، سيشاركني القمر مسائي وجريان النبض حين يمر به ولحظة غضب صنعتها غيوم تحجبه عني و يشارك لهوي وغيابي وبعض من احلام قد أذكر مجملها وإن كانت بلهاء .

مقالات ذات صلة

القمر شريكي وصديق الوعي بفكري ، ورفيق غياهب مظلمة في غرف فصّلها العقل لدي بلا ابواب ؛ سيكون النور لمشواري …مشكاة طريقي ، سيقبلني لا ريب بذلك ولست اشكّ بقدرته … سيبادلني ما كنت وما سيشاء ، فلكم رافق قبلي وما منعه مثلي من ذلك .. وسيرافق من شاء إن شاء . كم من عبد ضل طريقه وعصى ذاته وتتبعه ليصل الى جنته حيث مروج الفضة وسماء تكتسب الزرقة من ليله ونسائم صيف لا تشبع من لمس الروح بداخلنا ، يحرك فينا مشاعر ما كانت ابدا بالبال ؛ يرسمنا لوحات تتحدى بعض وصوف جماله ، ندخل عالمه السحري من اوسع ابواب الحكمة فيه ، نتراقص في سرمده قطرات ندى تتسلل بين وريقاته ، نروي كل الظمأ المتراكم من حفناته لتزهر فينا الروح و نحيا نتساقط بين يديه مطر .

القمر سر لا يعرفه سوى من سمح له أن يعلم ، وطن لا يسكنه سوى من يتقن لغته ، حلم لا يدركه العقلاء واصحاب المنطق ، هو حب لا يملكه سوى من بذل لأجله نجوما لا تأفل ، سيكون الغاية من زمني ولست ابعثر اوهامي جزافا حين اقول بأني سأشاركه و بانه لا ريب سيقبل ، فالقمر عطوف و رؤوم و سيشفق و سيقبل ….. حين يراني أودّع شمسًا غاربةً ما كان لها ان تذبل .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى