التربويون غير التربويين

التربويون غير التربويين

د. ذوقان عبيدات

1
مفاهيم أساسية
#التربويون ثلاثة :
مختصون في #التربية ويمتلكون #رؤية_تربوية ولهم رسالة مختصون في التربية وليس لهم رؤية ولا يحزنون .التربويون غير التربويين.
وغير التربويين ليست تهمة، إنما هم أشخاص دخلوا #عالم_التربية وقادوها دون أن يكونوا مختصين فيها ، منهم من نجح بشكل واضح أذكر :
عبد السلام المجالي
عبد الرؤوف الروابدة
عمر الرزاز
حيث تركوا أفكارا تربوية واضحة في التربية ، ولذلك أسميتهم بالتربويين _ غير التربويين _ بمعنى #غير_المختصين ، لا بمعنى اللاتربويين واللاتربويون فئتان :
تربويون لا تربويون بمعنى ليس لديهم رؤية وهم كارثة ، ولا تربويون من غير التربويين، وهم كوارث تربوية أيضا .
وقد سيطر على التعليم منذ عهود طويلة تربويون ذوو رؤى ، وتربويون دون رؤى، وتربويون لا تربويون، ولا تربويون غير تربويين ، وقد ترك بعضهم آثارا إيجابية ، وبعضهم آثارا سلبية يصعب محوها، ومع ذلك نقول إذا ما أردنا تبسيط الوضع : إن التعليم _ المدرسي والجامعي _ هو نتاج جميع هؤلاء . ولكن إجرائيا سوف أتناول من تعاقبوا على التعليميين ، فمنذ سنة 2015, زهي بداية الصحوة التربوية ، حيث استفزت وزارة التربية بعض المبادئ التربوية، مما سبب ردود فعل شعبية ورسمية تناولت العملية التربوية .
ففي 2015 ظهرت مقالة داعشية المناهج التي ولدت حركة وتراكمات رسمية وشعبية ، أدت إلى تشكيل المركز الوطني للمناهج وخطاب الملكة سنة 2016, وورقة الملك النقاشية 2017 .
ملاحظة مهمة :
هذه الحركة الرسمية والشعبية ليست نتاج مقالة داعشية المناهج، بل كانت وليدة للاهتمام الذي أعقب تزامنيا ربما حملة جريدة الغد حول المناهج ، والتي شارك فيها التربوي حسني عايش وكاتب هذه السطور .
وكان من أبرز المترتبات التي نتجت و تزامنت مع تقرير لجنة عويس في استراتيجية تطوير الموارد البشرية ، ظهور الاهتمام الرسمي بتطوير المناهج .
(٢)
من قاد التعليم منذ ٢٠١٥

تعاقب على وزارة التربية عدة وزراء غير تربويين عدا وزير واحد . فمنهم الطبيب والمهندس والبيولوجي والإداري والاقتصادي . وتعاقب على أم الجامعات رؤساء غير تربويين أطباء : فيروسات ، أطفال، وأمراض نفسية .
فماذا فعل هؤلاء !
لقد نشرت عام ٢٠١٨ سلسلة دراسات عن نتاجات وزراء التربية منذ نشأتها، وسأحاول الآن تقديم وجهات نظر عما حدث للتعليم منذ 2015

ادعى مسؤول _ أيده كثيرون _ أنه من ضبط امتحان التوجيهي بعد أن كان – مبهدلا – ، وولد حركة في المناهج انقسم حولها كثيرون مع أنها لم تتناول أي جوانب تطويرية، ثم توالت إصلاحات تربوية عبر مسؤول آخر، ربما قادته إلى الرئاسة ثم مسؤول طبيب جرفته سيول البحر الميت ، وغاصت الوزارة والحكومة والدولة بكاملها في بحر نقابة المعلمين التي انتهت بحلول قيصرية غير ديمقراطية ربما أطاحت بمسؤول التربية حينها، ثم أعقبه مسؤول تربوي غاص مع مدارسه وأفكاره في مشكلات كورونا حيث واجه نقدا مجتمعيا _ نسائيا _ أطاح به – ربما والله أعلم –
ثم جاء مهندس حاول إحداث إصلاحات جذرية في الإدارة وبنية الوزارة، وإصلاح نظام التوجيهي، ولكن سرعة تغييره حرمته من إحداث هذه الإنجازات ، وربما حرمتنا جميعا ” والله أعلم “
عملت لجنة التوجيهي بحماسة ” وحرفية غير مفيدة ” وقدمت تقريرها منذ ثلاثة شهور، ولم ينظر فيه أحد، وربما لن ينظر فيه أحد ” والله أعلم “.
المهم ذهب الوزير المهندس – وبنفسي ألم – لأنني اعتقدت أنه سيكون منجزا ” والله أعلم “
وجاء المسؤول البيولوجي – الذي دون شك – يمتلك رؤية تربوية مسبقة، فهو من بنى استراتيجية وطنية لتطوير الموارد البشرية ، وفي محورها تطوير التعليم، وكان الوحيد من غير التربويين الذي امتلك رؤية تربوية متكاملة . وهو الآن أمام تحديات :
هل سيتمكن من تحقيق رؤيته ، أم سيكون عابرا ؟
فالنجاح والفشل في بلادنا لا يعتمد على فصاحة وزير بمقدار ما يعتمد على عواصف ورياح لا علاقة له بها !
فكل المسؤولين واجهوا عواصف خاصة: محافظة وأبو قديس والمعاني ” نقابة المعلمين ” والنعيمي ” ثورة النساء ” لكن بكل أمانة ومسؤولية أقول :

  • كان محافظة مؤهلا للنجاح، وكان أبو قديس مؤهلا للنجاح أيضا الأول اجتاحته سيول والثاني حاصرته فلول !!
    ومع ذلك أقول بكل مسؤولية : لا يتمكن المسؤول التربوي من إحداث التغيير المطلوب لأسباب بعضها عدم امتلاكه رؤية، وبعضها ظروف موضوعية تتعلق بالنزوات السياسية والمجتمعية وربما ” الصدفة ” أو قدومه في لحظة غير مناسبة .
    وكلنا في الأردن – وهذه نعمة غياب الشفافية – لا ندري لماذا جاء ولماذا غادر، ولكننا نعرف أن لا أحد يحاسب ويسائل !!
    (٣ )
    والجامعات أيضا

لم تكن الجامعات أوفر حظا من التعليم المدرسي، فالجامعة الأردنية بدءا من 2016 تعاقب على رئاستها : ثلاثة أطباء : محافظة : فيروسات والقضاة : أطفال ، وعبيدات كما ذكرت أمراض التنفس.
ومن قبلهم الطراونة الذي كان تربويا ، والمعاني الذي كان طبيبا، وعبد السلام المجالي الطبيب وشيخ الأطباء والملفت للنظر إن الدولة تغازل الأطباء. وربما ترى أنهم أكثر ذكاء ، وحفظا أوصلهم إلى معدلات عالية مكنتهم من دخول كليات الطب في العالم ، وبالمناسبة ليس بينهم خريج من الجامعة الأردنية .
أو ربما ترى أن الجامعة مريضة وتحتاج إلى من يعالجها !
أنا شخصيا أبرئ الحكومات من أي حكمة ، أو فلسفة ، ولذلك ربما الصدفة من جاءت بهم : متوالية طبية ، محافظة – القضاة – عبيدات ، بعد المتواليات السابقة المجالي – المعاني – وبشكل عام : الجامعات يحكمها الأطباء !!
هذا لا يعني تحيزا ضد الأطباء مقابل تحيز الحكومات معهم ، لكن أقول :
ليس هناك ما يمنع من طبيب يمتلك رؤية وقد كان عبد السلام المجالي كذلك . وليس هنالك من يقول إن أي تربوي يمتلك رؤية، فهناك تربويون قادوا التعليم إلى زوايا مظلمة !! فالمعيار ليس التخصص تربوي أو غير تربوي ! المعيار هو من يمتلك رؤية سواء كان تربويا أو غير تربوي !
إن غير التربوي – الذي يمتلك رؤية – أقرب إلى إحداث التغيير من عشرات التربويين الذين لا يمتلكون أي رؤية، وسبق أن قلت – خبرناهم – ولم يقدموا شيئا !!
إذا . المهم هي الرؤية . فما المقصود بالرؤية ؟
لا أريد أن أخوض في تعريف الرؤية ، ولكن أكتفي بذكر خصائص من يمتلك رؤية :
1. إن لديه هدفا واضحا أمامه ، وهو نقل الأوضاع من حال إلى حال، كأن يقول : أريد تعليما حداثيا، أو أريد تعليما يحفز على التفكير والإبداع ، فالرؤية ترتبط بمستقبل واضح .
2. إن لديه خططا لتحقيق رؤيته، كأن يقول العمل على تمهين التعليم من خلال، تهيئة الظروف الاجتماعية والتشريعية والتربوية المساندة للمهنيين .
3. إن سبق وأن أعلن عن اهتمامه بالتعليم وأحرى بحوثا أو دراسات …… أو حتى نفذ أوامر : إقرأ .
أما أن يأتي شخص مغمور تربويا، ويبدأ بالتفكير، أو بإصدار مواويل، أو يعزف ألحانا منفردة، فهذا لا يعني شيئا !!
إن صاحب الرؤية التربوية يأتي ومعه مشروع تربوي، يحدد النقلات التي سيحدثها في أثناء عمله !
ما يحدث فعلا غياب الرؤى وسيادة الاجتهادات وكثرة العواصف، وسرعة التقلبات التي لا تسمح لا لصاحب رؤية ولا لغيره بأن يحدث فرقا ، وبذلك في العمل التربوي : المدرسي والجامعي، يتساوى أصحاب الرؤى مع زملائهم عديمي الرؤى، ولا فضل لصاحب رؤية على غيره إلا بإطالة فترة ولايته وهذا يتطلب أن يكون صاحب تقوى تربوية !!
فمن صاحب التقوى التربوية ؟
إنه مسؤول لا يتحدث ولا ينطق ولا يظهر في الإعلام ويدرك جيدا، إنه لو تحدث لهلك !!
لم أسمع مسؤول مركز تربوي أو إدارة تربوية أو رئيس مجلس تربوي، أو رئيس جامعة، وضع رؤيته بمشاركة العاملين معه، ونشرها ، وناقشها مع المجتمع .
إذا ! نحن أمام من لا يمتلك رؤية ، ولا ينطق عن الهوى أو غير الهوى فإذا نطق هلك، رافعا شعار : الفتنة نائمة ولن أوقظها !!
( ٤ )
من يصنع التغيير إذن !

قلت في مقالة قبل أسبوع : نعيش عصر الهزائم التربوية ، هزائم من صناعتنا، ومن صناعة الدولة وخياراتها، ومن ضعف من تختارهم الدولة، فكيف نأمل بالتغيير ؟
سمعت أمس مؤتمرا صحفيا لمسؤول تربوي أحترمه، يقول اطلعت على كتب مدرسية فوجدتها تشجع التفكير والتحليل علما بأن لديه تقارير من أجهزة متخصصة تقول غير ذلك !
إن الحكم على كتب مدرسية تشجع التفكير والتحليل يتطلب دراسة أكثر مما يتطلب رأيا، وإن الحكم على أننا ننمي التفكير والتحليل يعني أننا وصلنا مرحلة النضج، ولا داعي لعمل المزيد، وإن من طالب بتعليم التفكير قبل أسبوعين كان مخطئا .
فالأمور ممتازة، وأرجو أن لا يصرح أحد بأن العملية ناجحة بالرغم من موت المريض !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى