في رثاء خالد / د.عبد الله الحميدي الزعبي

سواليف

أيها الخالد في الوطن والوجدان
رأيت وطني دوماً في وجهك الباسم أيها الخالد خلقاً وتواضعاً ومحبةً. ملأت طفولتنا أملاً وعملاً ولعباً. على بيادر الرمثا حيث القمح يحتضن سواعد الفلاحين الصابرين مبشراً بموسم حصاد غلال، وأرواح تهفو لأرض ما ساومت في عنادها وما تخلفت في كرمها، تلك البيادر التي شهدت تفتق عبقريتك وبواكير إبداعك. كنت ساحراً في الكرة تتراقص بين قدميك كتراقص الأمنيات في مخيلة طفل يحلم بهدية العيد، تركض وتهرول بيننا كالسحاب وتنادي حي على الكرامة والمستقبل والأوطان.كل هؤلاء الأطفال ونحن الأصدقاء ما إستطعنا يوماً سلب محبوبتك من بين قدميك، فلقد هزمتنا جميعاً مهارتك مثلما فعلت أخلاقك، فأصبحنا فراشاً نلتف حول نورك وضيائك لأننا لم نسمع منك قط تذمراً أو شكوى أو شتماً ولم نر منك فحشاً وسوءاً، ففي براءة الأطفال كنت لنا وطناً.
لم يرحم الزمان براءة أعمارنا فودعت الأحباب بلا ميعاد. أيها الفارس ما ترجلت حين بالأمس ودعتنا إنما هي صخب الجياد، أيها النجم ما أفلت بالليل حينما تواريت إنما هي شرود النجوم. يا رفيق الطفولة ألا تدري بأننا خذلناك، مرة ومرة تلو الأخرى وما رعيناك. اليوم نلبس لك ثوب الحداد أيها الطير الشادي في وجداننا بعد أن خذلناك. نذرف عليك الدمع نزفاً وتخنقنا الآهات، وتمضي بنا الأحزان ساخرة لأننا خذلناك. تنام ملامحك السمراء على الأفق البعيد بشموخ الجبال تتحدى كل صدود وعقوق وخذلان، فقد علمت قبلنا بقلبك الكبير أن الأوطان لا تخذل أبناءها والأحباب. فنم قرير العين وأدعوا لنا في روضتك أن لا نخذل بعد اليوم أحبابنا والأوطان.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى