عام دراسي مجهول الملامح! / شروق جعفر طومار

عام دراسي مجهول الملامح!
شروق جعفر طومار

اجتهدت وزارة التربية والتعليم مؤخرا بتصريحات عديدة حاولت من خلالها أن تستشرف العام الدراسي المقبل، وأن توضح ما سيكون عليه شكل الدراسة في العام الجديد، وهذا بالتأكيد دورها ومن صميم عملها.
المشكلة الحقيقية هي أن جزءا كبيرا من هذه التصريحات يشكل أحجية أكثر مما يكشف حلولا. ربما كانت طبيعة المرحلة غامضة بحيث لم يتسن لها أن تقترح تلك الحلول التي نبحث عنها، لكن كثيرين يرون بأن الاستراتيجية التي تتخذها الوزارة هي من متطلبات المرحلة الراهنة بما تحمله من صراعات مكشوفة وغير مكشوفة.
في صراعنا وصراعها مع المناطق متعددة الألوان، تردد الوزارة بأنه ما من حاجز يمكن أن يقطع التدريس من قرب إلا عدم تسجيل العلامة الكاملة التي تنقل الأردن إلى المنطقة الخضراء بالنسبة للحالة الوبائية.
يؤكد البروتوكول الأردني أن الانتقال للمنطقة الخضراء يتحقق بمرور عشرة أيام متتالية دون تسجيل أي إصابة محلية بفيروس كورونا. على مدار أكثر من خمسة أشهر لم نستطع تحقيق هذه العلامة، إذ بقيت الحالات المحلية تظهر بين الفينة والأخرى. وعلى الرغم من قلتها إلا أنها كانت على الدوام تخرق المصفوفة التي وضعها الأردن للتعافي.
المسألة لا تتحدد بهذه المصفوفة، ولا بالمنطقة الخضراء أو حتى بالمنطقة الزرقاء التي اقترحها وزير الإعلام أمجد العضايلة للزحافات التي يمكن أن تتبناها المصفوفة الأردنية، بل بالفهم الاجتماعي لما تعنيه تصريحات الحكومة، ففي حين مرت الأسر الأردنية بعام دراسي عصيب من الناحية التعليمية والمالية، بدت الحكومة كما لو أنها لم تعلم شيئا عن الظروف التي اختبرها الأهالي، فسوغ وزراؤها لأنفسهم أن يكونوا غير مباشرين ولا واضحين بشأن العام الدراسي المقبل.
عدم الوضوح أباح للحكومة أن تطرح حلول المناطق الخضراء والزرقاء والحمراء. بيد أنها لم تقترح، ولم تكن معنية باقتراح أي حلول لأسر فقدت دخلها نتيجة الجائحة، ولم تستطع تسديد أقساط العام الدراسي الماضي، فيما وزارة التربية ما تزال تنفخ أوداجها، وتقول إن العام المقبل ربما يكون عن قرب، وربما يكون عن بعد، وربما يكون مدمجا، إذن، ما الذي تحاول الوزارة قوله في هذا السياق؟
بالنسبة لنا، يبدو واضحا أن الحكومة متخوفة من سيناريو العام الماضي، وأنها ربما تحاول وضع سيناريوهات مختلفة للعام الدراسي الجديد، واستباق الأحداث جميعها بحيث لا تترك أي خيار للمفاجأة. هذا أمرٌ لا بد أن نؤيدها فيه، فهي الجهة الضامنة للتعليم ولجميع أركان العملية.
لكن ألا تكون الأمور واضحة بالنسبة للطالب وأهله، فهذا افتئات على الركن الأساسي في العملية، وهو الطالب بكل ما تقتضيه مصلحته من مسؤولية.
في أي صيغة لعملية التعليم ينبغي أن تكون هناك مرجعية محددة وواضحة بجميع أركانها، هذه المرجعية لا يمكن لنا أن نتجاوز أنها متركزة في وزارة التربية والتعليم، فهي الجهة المسؤولة عن وضع الخطط والإشراف على تنفيذها بصدقية وموضوعية.
لكن ذلك يتطلب أن تكون نظرتها موضوعية وشاملة لجميع أركان العملية. وحين تسقط من حساباتها بعض الأركان، فعندها سنقرر أن الأمر بين اثنين، إما أنها غير قادرة على إدارة هذه العملية بسبب ضعف الرقابة المركزية لديها وعدم شموليتها، أو أنها تسقط وعن سابق إصرار وترصد بعض تلك الأركان من حساباتها لحسابات آنية لا يمكن لها أن تستقيم مع المصلحة العامة.
ربما كان تناولي للموضوع ينطوي على بعض التشعب، لكن ذلك كله يصب في الموقع نفسه، وهو أننا جميعا نتطلع إلى أن ينال أبناؤنا أفضل الفرص في التعليم، وما نزال نبتهل إلى الله أن تنطلق الوزارة من المنطلقات نفسها، ونتمنى أن تكون جميع عناصر العملية التعليمية منطلقة من ذات المبادئ والأهداف التي نحاول أن نلم العملية التعليمية تحت رايتها.
لنتحدث بصراحة، حتى الآن لا تبدو وزارة التربية والتعليم واضحة فيما تنوي أن تنتهجه بشأن طبيعة التعليم في الفصل الدراسي المقبل. نعلم أن الأمور مشوشة جدا، ولكن بإمكان الوزارة أن تكون أكثر وضوحا في الخيارات التي تنويها.
هذا ببساطة ما يسمى وضوح الأهداف والتي ينبغي أن تكون مكشوفة لكل مؤسسة تشرف على أي عملية، وليس التشويش وعدم وضوح الرؤى الذي تنطوي عليه تصريحات الوزارة. فهل التشويش هو هدف مطلوب بحد ذاته اليوم؟ نرجو ألا يكون ذلك!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى