عبد الله النسور باق إلى الابد / طاهر العدوان

عبد الله النسور باق إلى الابد
يتندر سلامة الدرعاوي برحيل عبدالله النسور عن الدوار الرابع بالقول بانه “محظوظ” لانه رحل قبل ساعات من اتفاق الاردن مع صندوق النقد الدولي وبذلك أعفي من مسؤولية التوقيع على اتفاق يذكرنا بان عام ١٩٨٩ لايزال حاضرا في عام ٢٠١٦ لكن بعناوين وتفاصيل مختلفة وان كان الهدف واحد وهو وضع الحمل على كاهل الشعب ، اقصد حمل المديونية وأقساطها وفوائدها وضرائبها . واضيف على ما كتبه الدرعاوي فأقول : انه محظوظ ليس بهذا فقط انما لانه ” كتب اسم المديونية على الشمس اللي ما بتغيب”.

ذلك اذا ما بحثنا في دوافع الاتفاق الجديد مع الصندوق سنجد انها من نوع ( السم الذي تجبر الشعوب الفقيرة على تجرعه ) : في عهد حكومة النسور الغابرة انفتح مزراب المديونية حتى ضربت أرقاما قياسية . لقد قفزت من 16 مليار دينار الى ٢٤مليار في الوقت الذي اعتبرت فيه تلك الحكومة بانها اكثر الحكومات التي تلقت مساعدات عربية ( المنحة الخليجية ) وفي عهدها انخفضت أسعار النفط من ١٤٠ دولار للبرميل الى ٤٠ دولار ( في المتوسط ) وهي الحكومة التي لم توظف ( ولا واحد زيادة عما كانت تقوم به الحكومات في قطاعي الصحة والتعليم ) إنجازها الوحيد وظائف قائمة الواسطات النيابية .

اما اهداف الاتفاق : سيوفر ضمانة للاردن من اجل اقتراض ٢ مليار دولار في الثلاث سنوات القادمة ( مزراب اضافي للمديونية السوداء ) لسد العجز ودفع الفوائد ( وليس اقساط ) المديونية . بالطبع هذه القروض المقبلة ستغطي جزءا من استحقاقات الدين الدولي ، اما الباقي سيُحصل عن طريق رفع الدعم عن سلع أساسية ، بالاضافة الى رفع الدعم وضرائب على ( ٣٨ ) بنداً، وضعها الصندوق كشرط للاتفاق ، من اجل توفير مئات الملايين من جيب المواطنين ، لكي يبقى الاقتصاد واقفا على قدميه .

عبد الله النسور ( بَكلها من رأسها لسَاسها ) فكل حكومة قادمة وحتى إشعار آخر ستكون حكومة جباية ، انها مرغمة على ذلك بعد ان وضع البلد على هذا الطريق ، وفي زمن لا فيه منح عربية ولا تجارة وأسواق للصادرات الاردنية في الجوار وحتى إشعار آخر ، فهو اي عبد الله النسور باق الى الابد من خلال شبح قراراته وكوابيسه اللي تركها في مبنى الرئاسة ( ويااردنيين اتسلوا بالانتخابات ) ما دام اليسار مشرف عليها (بجماهيره الهائلة) من اجل اعادة تكرار تجربة ٤في ٤ ( اي حكومة لاربع سنوات مع مجلس نيابي لنفس المدة ) وطبعا حكومة لا علاقة لها بالقواعد الديموقراطية المتعارف عليها (حكومة اغلبية برامجية تراقبها في مجلس النواب اقلية معارضة برامجية … ) انما ( هيك ) تجربة أردنية فريده في الديموقراطية نموذجها حكومة النسور حيث قامت كل من ( الحكومة والبرلمان ) بالتناوب على تقليص السلطات الدستورية لكل منهما . اما التعددية فقد استبدلت باسلوب العرائض النيابية لسحب الثقة من الحكومة .. عرائض توقع من اغلبية النواب ثم لا تلبث ان تتحول في الصباح الى منح حكومة النسور ثقة مجانية لم يطلبها . وكل هذا يحدث في دولة عمر الاستقلال فيها ٧٠ سنه اي قبل ما تستقل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة ..

أيها الاردنيون تحلوا بالصبر وانتظروا ( المن والسلوى ) الذي سينزل على بلادكم بفضل آخر إنجازات حكومة النسور وهو ( الصندوق الاستثماري ) آخر وصفه وآخر ورقة مُررت لليبرالية المتوحشة الفاشلة ، التي باعت أصول الاقتصاد الوطني في السابق باسم الخصخصة وجلب الاستثمار الاجنبي . والخشية اليوم ان ينجح باقي فلولها ، تحت مظلة هذا الصندوق ، في القضاء على ما تبقى من ارصدة للوطن أودعها الله في ارضه وسمائه لمواجهة السبع العجاف ( لا سمح الله ) عندها قد نصل الى مرحلة يذكرني بها اعلان في التلفزيون الاردني نصه ( اخي المواطن تبرع بأعضائك .. يعني كلاك ، قلبك الخ ) اعلان يذكر المرء بكيفية التصرف باخر مقتنياته المادية اي جسده قبل الرحيل الى الآخرة !.

من اليوم حتى إشعار آخر مصير الاقتصاد الوطني وعبء المديونية و البطالة ، غلاء المعيشة وتفريغ دستور ٥٢ من روحه وتقويض بنيان ( الولاية العامة ) وصولا الى صندوق الاستثمار والاتفاق مع شقيقه صندوق النقد الدولي هي كلها مصائر خطتها وكتبتها حكومة النسور التي جثمت طويلا على صدور الاردنيين ، تاركة إرثاً ثقيلا سيبقى الى الابد . والله يعينك يا هاني الملقي ليس فقط على التركة بل على ما ستضطر الى فعله .

في التراث الشعبي يطلق على جابي الضرائب في عهد الدولة العثمانية وصف ( المحصل ، او المقاطعجي ) الذي كان يغتني من الجباية بينما الناس تزداد فقراً .. مجرد ملاحظة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى