درس من الحياة 33 : طبيعة عمل مجلس الوزراء

درس من الحياة 33 : طبيعة عمل مجلس الوزراء
موسى العدوان
في كتابه : ” المشهد الأردني من إرث الثقافة إلى مفهوم الدولة ” يقول السفير السابق فؤاد البطاينه عن طبيعة عمل مجلس الوزراء الأردني ما يلي :
” وقد مكنتني خدمة ثلاثين عاما في وزارة الخارجية والسلك الدبلوماسي في عواصم ومواقع مختلفة، من الوقوف العفوي على مكنون عمل أجهزة الدولة من الداخل ككل، ومن خلالها على العديد من الملاحظات الهامة أو الظواهر، التي استفاد أصحابها في بعض وزاراتنا ودوائرنا، من ذات الاعتبار الخاص من شيوع الظاهرة ( السكوت على التصرفات والسلوكيات الشاذة )، ليشكلوا فيها أشبه ما يكون بمراكز القوة، من أشخاص أو مجموعات أو جماعات، وليشيعوا فيها ثقافة نقيضة لفلسفة وجودها. ولما كانت مراكز القوة غالبا ما تعمل خارج نطاق القانون، فإنها أصبحت تعمل بروح الشلّة حتى لا أقول بروح العصابة.
وابتداء كنت أشعر دائما أن مجلس الوزراء في الأردن، يعمل في كثير من الحالات بطريقة ما يعرف بالنظم السياسية بالنظام الرئاسي. بحيث يتصرف رئيس الوزراء كرئيس دولة وبحصانات رئيس الدولة، داخل مجلس الوزراء ومع الوزراء ومع جهاز الدولة بسلطاته الثلاث، في حدود صلاحيات الحكومة الداخلية، وغالبا ما تكون في الشأن الداخلي. فهو يعبث أو يستطيع العبث بجهاز الدولة المدني وتركيبته وأسلوب عمله وبالمال العام، دون وجود لأي رقابة أو محاسبة أو حتى اعتراض.
ومجلس الوزراء في هذا هو الديكور أو كجهاز سكرتاريا، وللتوقيع على القرارات التي تحتاج مجلس وزراء ولكنه توقيع بطريقة التمرير، وكالتلاميذ المطيعين في بقية القرارات. وبناء على ذلك فإن مثل هذا النوع من رؤساء الوزارات هم في الواقع مراكز قوة، من حيث كونهم قادرين على العمل، واتخاذ القرارات بمعزل عن القانون وعن المفهوم الحديث للدولة. ومن هنا فإن الحديث عن مثل تلك الجماعات في بعض الوزارات والدوائر، يشمل هذا النوع من رؤساء الوزارات . . .
وكنتيجة منطقية لغياب مؤسسية الدولة المهيمنة، وضعف متابعة وتثقيف الموظف العام، وعدم استيعاب المفهوم الحديث للدولة، وانعدام ثقافة الحس العام والشعور بالمسؤولية العامة لدى البعض، وضعف التربية الوطنية بشكل عام، ليصبح الواحد أحيانا وكأنه أمام مشاهد في بعض الوزارات والدوائر، يسيّرها فرد أو أفراد يشكلون جماعة على نظام ومنطق وروح العصابة، ويعملون بأدبياتها ويتحِدون حول مشاغلها، والمصلحة العامة هي المصلحة الشخصية لهؤلاء الأفراد فحسب، وبمعزل عن المفهوم الحقيقي لها، والهمّ العام هو همّهم بهذا المفهوم. وهم بهذا يوازون مشهد بعض رؤساء الحكومات ليكملون المشهد “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى