حديث سواليف الرمضاني 9 : صَنائِعُ المَعْرُوفِ تَقِيْ مَصِارِعُ الْسُوءِ

سواليف – خاص – د. منتصر بركات الزعبي

كمْ مِنْ بليةٍ غائبةٍ في رحمِ الغيبِ , أجهضها معروف بذلته , أو هم فرجته , أو حاجة قضيتها , أو محنة أزحتها , واسمع يا أخي ويا أختي إلى محمد بن الحنفية – رحمه الله – حين يجزم قائلا بأن ( صانعَ المعروفِ لا يقعُ وإذا وقعَ لا يَنْكَسِرُ ) بل ويقسم سيدُنا عليٌّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – في كلمات تلمح فيها بريق الوحي , وتشم منها رائحة النبوة , فيقول : { والذي وسِعَ سمعُه الأصواتَ , ما مِن أحدٍ أودعَ قلبًا سرورًا , إلا خلقَ اللهُ تعالى من ذلك السرورِ لطفًا , فإذا نزلتْ به نائبةٌ , جرى إليها كالماء في انحداره , حتى يطردهَا كما تُطْرَدُ غريبةُ الإبل} لقد أمر الله – سبحانه وتعالى – بفعل المعروف , وفعل الخيرات , والمبادرة لعمل الصالحات ، وجعل الحسناتِ مذهبةً للسيئات ، وبين نبيُّه – صلى الله عليه وسلم – أنَّ عملَ المعروفِ من مكارم الأخلاق ومن أجلِّ الصدقات وأعظم القربات إلى الله تعالى وهو الذي مدحه ربه جل في علاه لكمال خلقه فقال: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلم:4] لقد حثَّنا نبينا – صلَّى الله عليه وسلَّم – على صنع المعروف , ومن ذلك : ما رواه أهل السنن ، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – : أنَّ رجلاً جاء إلى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال : يا رسول الله ، أيُّ الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله ؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : { أحبُّ الناسِ إلى اللهِ – عزَّ وجلَّ – أنفعُهم للناسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى الله سُرور تدخله على مُسلم ، أو تكشفُ عنه كُربةً، أو تقضيَ عنه دينًا، أو تطردَ عنه جوعًا ، ولإنْ أمشي مع أخ لي في حاجةٍ , أحبُّ إلِيَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجد شهرًا – في مسجد المدينة – ومن كفَّ غضبَه ستر الله عَوْرته ، ومن كَظَم غضبه، ولو شاء أن يُمضيَه أمضاه، ملأ اللهُ قلبَه رخاءً يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتَّى تتهيأَ له ، ثبَّت الله قدمه يوم تزول الأقدام }. لذا صح الخبر عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه حثَّ أمَّتَه على صنع المعروف ، وعرّفهم سبله وكيفيَّته ، وعرَّفهم فضله ومزيته ، فقال بأبي هو وأمي : «صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ , والصدقةُ تطفئُ غضبَ الربِ , وصلةُ الرحمِ تزيدُ في العمرِ , وكلُ معروفٍ صدقةٌ , وأهلُ المعروفِ في الدنيا هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ , وأهلُ المنكرِ في الدنيا , هم أهلُ المنكرِ في الآخرةِ , وأولُ مَنْ يدخلُ الجنةَ , أهلُ المعروفِ » وأهل المعروف في الآخرة وحدهم من يكسوهم الله , ويطعمهم الله , ويسقيهم الله , ويغنيهم الله , قال سيدنا عبدا لله بن مسعود – رضي الله عنه – : { يُحشَر الناسُ يومَ القيامةِ أعرى ما كانوا قطُّ , و أظمأ ما كانوا قطُّ , وأنصب ما كانوا قط , فمن كسا لله كساه الله , ومن أطعمَ لله أطعمه اللهُ , ومن سقا لله سقاه الله , ومن عمل لله أغناه الله }

أرشيف سواليف – 2015

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى