“سكّن تسلم” نمط إداري جديد لبعض رؤساء الجامعات

“سكّن تسلم” نمط إداري جديد لبعض #رؤساء_الجامعات
الأستاذ الدكتور #أنيس_الخصاونة
كمتخصص وممارس للادارة لمدة اربعة عقود وكخبير في الإدارة الجامعية فإنني أزعم بأني مطلع على مختلف النظريات الإدارية الكلاسيكية والمعاصرة ومواكب لأحدث المستدات والأفكار والاختراقات العلمية في عالم الإدارة .نظريات ادارية كثيرة نعلمها اصبحت مألوفة لزملائنا وطلابنا مثل نظرية البيروقراطية،والنظرية السلوكية ،والإدارة بالأهداف،والقيادية التحويلية،وإدارة الفريق وغيرها ،لكننا لم نسمع بعد عن أي نظرية عنوانها “سكن تسلم” إشارة الى عدم فعل أي شيئ لمعالجة المشاكل الأساسية التي تعاني منها مؤسساستنا وخصوصا الجامعية منها.لم أجد في أدبيات الإدارة أي شيئ اسمه سكن تسلم باستثناء ما تضمنه نموذج العالم المعروف بليك موتون (Blake Mouton) الذي اشار إلى نمط الإدارة المترهلة التي لاتعني لا بالإنتاج ولا بالانسان وتركز فقط على تسيير الامور وتجنبها لمعالجة المشاكل الحساسة حتى لا تضع نفسها في مواحهة تخلق لها ازمات تكشف عن ضعف قدراتها القيادية والإدارية.
أثناء خدمتي الجامعية الطويلة وفي معظم الجامعات الاردنية وإشغالي لكافة المواقع الإدارية من رئيس قسم وعميد ونائب رئيس ورئيس بالوكالة فقد عاصرت أكثر من عشرين رئيس جامعة وشاهدت تباينات كبيرة في قدراتهم الإدارية والقيادية ،بعضها كان يصب في مصلحة الجامعات ويخدمها وكثير منها كان سببا في تراجع المستوى الأكاديمي والإداري لهذه المؤسسات التي اصطلح على وصفها بأنها وكلاء التغيير في المجتمع(Change Agents) .
اهتمامي في موضوع القيادة الجامعية دفعني لمتابعة مسيرة عدد من جامعاتنا الرسمية والخاصة مركزا على الأنماط القيادية المستخدمة وربطها بالإنجازات المتحققة.وجدت بعض الإنجازات التاريخية لبعض رؤساء الجامعات التي ارتبطت بنماذج قيادية ملفته مارسها بعض الرؤساء أمثال عبدالسلام المجالي وناصر الدين الأسد وعدنان بدران ومحمد حمدان وفايز الخصاونة وكمال الدين بني هاني وعبدالله الموسى وغيرهم ووجدت ان القاسم المشترك لأنماطهم القيادية اتسم بالشفافية والجرأة في اتخاذ القرار ومعالجة المشكلات . بعض رؤساء الجامعات السابقين والحاليين لللأسف اتبعوا انماط قيادية غلب عليها نمط “سكن تسلم” او ما اصطلح على تسمته (Hands off) .تكبدت الجامعات خسائر كبيرة بعضها اكاديمي واداري والأهم من ذلك انها خسرت ثقة المجتمع بها كمؤسسات مناط بها إحداث التغيير حيث لم تعد هذه الجامعات العقل المفكر للمجتمع وتراجع دورها من صناعة العقول الى صناعة الشهادات.
النمط القيادي الجديد “سكن تسلم” الذي اصبح منتشرا في جامعاتنا لا يسجل أية إنجازات تذكر ،ودور الرؤساء يقتصر على توقيع البريد اليومي ورعاية الإفتتاح والإختتام لبعض الأنشطة والفعاليات الروتينية والتي لا تغني ولا تسمن من جوع. المفاجئ في الموضوع هو انني عندما لمحت لأحد الرؤساء بتواضع إنجازاته افادني بأن موقع رئيس الجامعة هو “كالعربة يجرها أي حصان”.أخجلني الجواب وأحزنني لأن ادرك تماما ويقينا بأن العربة لا يجرها إلا الحصان القادرالذي يمكنه النهوض بحمولتها ومسؤولياتها . إن رئيس الجامعة الذي ينطلق من هذا المثل لا يمكن له ان يترك أية بصمات على الجامعة ونهضتها ولا يمكنه المساهمة في البناء على ما أنجزه زملاؤه من المؤسسين الأوائل ،وسيسجل تاريخ الجامعات التي يتربع على رئاساتها قيادات”سكن تسلم” أن هؤلاء الرؤساء كانوا عابرين مارقين مروا من جامعاتهم مرور النعام الذي يدفن رأسه في الرمل ويتغاضى عن التعامل مع المشاكل الحقيقية لهذه المؤسسات الأكاديمية التي نحترمها.
نقول ما نقول عشية التغيير المزمع إجراءة على رؤساء الجامعات الذي سبقه تقييمات من العاملين في الكوادر الإدارية والأكاديمية إضافة الى تقييم رؤساء مجالس الأمناء والجهات الأخرى في التعليم العالي.جلالة الملك ركز غير مرة انه على المسؤول المتراخي والمرتعد من اتخاذ القرارات التي تحقق المصلحة العليا للمؤسسة أن يتنحى ويخلي مكانه لمن هو أكثر كفاءة وجرأة منه.إنه لمن دواعي الأسف أن بعض الرؤساء لن يتنحى مدعيا بدعم بعض الواجهات العشائرية او الأجهزة الرسمية . مثل هؤلاء الرؤساء يجب تنحيتهم إنقاذا للمؤسسات الجامعية التي يقودونها بطريقة “سلم تسلم”. جامعاتنا تستحق أفضل من هؤلاء فهل من مدكر…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى