مرضى السرطان لكم الله / رائد عبدالرحمن حجازي

مرضى السرطان لكم الله

من المفترض بالحكومة في أي دولة أن تقوم بانجازات متميزة بهدف خدمة الوطن والمواطن . ومن ضمن هذه الانجازات الرعاية الصحية لمواطنيها . ما سأورده في الأسطر الأتية هي تجربة شخصية حدثت معي وأعتقد أنها حدثت مع غيري .
والدي رحمه الله كان قد أُصيب بمرض سرطان البروستاتا , ومن باب العاطفة لم نبلغه بحقيقة مرضه بل قلنا له بأنك تعاني من التهاب مزمن وربما تحتاج لفترة علاج طويلة نسبياً . وبدأت رحلة العلاج بدواء ( Flutamide Eulexin) وبعد فترة استفحل المرض ولم يعد هذا الدواء يناسبه , وبناءً على نصيحة الأطباء وقتها قالوا لنا يوجد علاج جديد وهو عبارة عن إبرة شهرية تعطى بالبطن واسمها على ما أذكر ( Casodex) ناهيكم عن ثلاث عمليات جراحية أجريت له طيلة فترة العلاج . إلا أنه علم مؤخراً بحقيقة مرضه وعانى من وضع نفسي صعب ولكن بحمد الله وإيمانه بالقضاء والقدر تجاوزنا تلك المرحلة وعادت الأمور لطبيعتها وعاد للعلاج كما كان من قبل . في تلك الفترة تم إنشاء مركز الأمل للشفاء والذي بات يعرف فيما بعد بمركز الحسين للسرطان , وتم تخصيص يوم للتبرعات من خلال التلفزيون في بث مباشر لما يعرف بالتيليثون . تبرع والدي بقيمة غرفة مريض بأجهزتها .
في سنة 1999 فُقد العلاج من مستشفى البشير بسبب تأخير في توريد العطاء لأسباب إدارية ولم نستطيع تأمين إبرة ال ( Casodex) , مع العلم أن ما تحويه عبارة عن مادة مشعة ولها فترة نصف عمر ومعنى ذلك أي تأخير عن موعدها يعني زيادة في معانة المريض . وهنا رحت أبحث عن مصدر أخر لتأمينها كونها لا تباع في الصيدليات الإعتيادية , وأول ما خطر ببالي مركز الحسين للسرطان , توجهت لهم وقابلت سكرتيرة المدير آنذاك وقالت لي : هذا ليس من مهام المركز فقلت لها : كيف ذلك والمريض قد تبرع بغرفة كاملة في هذا المركز! وبعد جدال ونقاش تم التوصل بأن أدفع ثمن الإبرة 170 دينار . عدت بالإبرة وأنا في غاية السرور بالرغم مما حدث والسبب بسيط وهو أن يأخذ والدي العلاج في وقته . بعد هذه الحادثة بعدة أشهر انتقل والدي إلى رحمة الله بعد معانة مع هذا المرض الخبيث .
ربما كانت تجربتي هذه فردية ولكن للأسف ها هي حكومتنا الرشيدة اليوم تمنع مرضى السرطان من تلقي العلاج في مركز الحسين للسرطان وتحولهم للمستشفيات الحكومية . وهنا لا أريد أن انتقص من قيمة تلك المستشفيات ولكن كل من يعمل في مجال الطب والصحة يعرف بأن مرضى السرطان لهم ظروف وعلاجات خاصة بهم , ناهيكم عن تدني المناعة لديهم , بالله عليكم كيف سيكون حال مريض السرطان وهو يراجع بين جموع المرضى ؟ ألا يعني ذلك وكأنك تحيطه بتشكيلة متنوعة من الفيروسات والبكتيريا ؟ وكأن لسان حالكِ يا حكومتنا الرشيدة يقول لهؤلاء المرضى موتوا وبسرعة . مع أن الأعمار بيد الله .
بالمناسبة المريض إذا كان خمس نجوم أو من عُلية القوم يتم تشخيصه وعلاجه على نفقة التأمين في أمريكا وأوروبا وفي أفخم المستشفيات . لكن بحب أذكرهم بأن المرض والأجل لا يعرفان النجوم ولا الفخامة . ولا يميزان بين أبو فلان ودولة علتان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى