صَحَّ القولُ من هولِ الصدمةِ الأولى (اعتقال الفكر)
محمد أمين المومني
ليتنا نستطيعُ أن نجمعَ بينَ الصورة التي ظهروا عليها بحبهم وعطفهم علينا في بادئ جائحة كورونا، وبينَ ما يحدثُ الآنَ من تكميمٍ للأفواة وانتقاصٍ من حقوق المواطنين ومُعاقبة العلماء والرموز منا في أصعب الظروف على البشر، وما حدث مع الأستاذ الدكتور محمد بني سلامة خير دليل.
يدَّعونَ أنهم أهلُ الديمقراطية وهم عدوٌ لها، ويُنادونَ بحقِّ حرية التعبير وهم يُكممونَ أفواه الناس، فمنَ نَطَقَ بالحقِّ صارَ أسيرًا، ومن سارَ في دربِ الصلاحِ باتَ مُقيدًا، ومن تُنازعه نفسه لقول الحقِّ أمسى سجينًا، لم تشغلهم أقسى الظروف على البشرية من أي يدعوا رمزًا وطنيًا كبيرًا، ولم تمنعهم الكورونا من أي يزجوا بقامةٍ علميةٍ خلف القضبان، تعدى نتاجه العلمي حاجز 1000 مُؤلفٍ بين بُحوثٍ ومقالٍ وإنتاجٍ علميٍ ورسائل وكتب.
ولا ينفكُ المرءُ فينا حزينًا على ما حصل مع الأستاذ الدكتور محمد بني سلامة، فإذا بلغ بنا المُقام إلى عدم احترام علمائنا وتقديرهم فلبئس الحال حالنا، وما ترونه من تعاطفٍ عفويٍ مع فادح السوأة التي يمر بها، لا يعكسُ إلا حبًا له ولأمثاله من أصحاب الهمم وذوي العلم، وكُرهًا لأي ازدراء لهم ورفضًا كبيرًا للذي يجري.
اتسعت له آفاق العالم حينما اختارته منظمة سويدية من بين أفضل 50 باحثًا ديمقراطيًا حول العالم، واحتل تلك المرتبة العظيمة متقدمًا على كثير من الأستاذة الجامعيين في أقوى جامعات العالم، حتى إذا ضاقت به السبل في وطني وعاملوه بما لا يليق به ولا بكرامة الأردنيين جميعًا، فلعمري إنَّ كلمةَ الحقِّ تضيقُ بهم كما تضيقُ ملحودةُ القبرِ بصاحبها، وأي عيشٍ سيطيبُ دون كرامة الإنسان، وإلا فإننا أمواتٌ على قيد الحياة، وأما الموتُ الذي في القبور هو موتٌ دون قيدٍ ولا تجبرٍ يُقوِضُ عليكَ حياتك ويُنّغِصُ عليك عيشك كما يفعلون.
بات الأمر واضحًا للعيان لما سيكون، وليسَ العيانُ كالخبر، فقد دخلنا ليلًا لم يأتِ نهاره بعد، والأمر لا يتعلق إطلاقًا بهذا النهار، لأننا ما زلنا نقبعُ تحت وطأةِ خريفٍ قاسٍ، والوصول إلى الربيع باتَ يتطلبُ معجزة السماء، وما يجمع كل التناقضات التي ذكرتها هو نحن، ومن سوانا الذي ذاق مرارة ما نحن فيه، ومن غيرنا سيدفع الثمن؟
#الحرية_للأستاذ_الدكتور_محمد_بني_سلامه
كاتب أردني
Mo.almom16@gmail.com
