كم من الجرائم يحتمل هذا الوطن ؟

كم من الجرائم يحتمل هذا الوطن ؟
م . عبدالكريم ابو زنيمة

كم من الجرائم أرتكبت بحق هذا الوطن وغدا مرتكبوها ينعمون في القصور وفي المواقع الادارية العليا حتى أصبحت كل مفاصل الدولة مكبلة بخيوط شباكهم ، ومن يشذ عنهم أو لا يتفق مع مصالحهم فسرعان ما يجد نفسه خارج ملعبهم ، بالأمس كانت المهندسة هدى الشيشاني آخر ضحاياهم ولن تكون الاخيرة ، وأنا نفسي عشت وشاهدت كم من الكفاءات الادارية والقيادية أقصيت فقط لانها كانت تقف عثرة في طريق سطوهم على المال العام ، وجدير هنا التذكير بأن أحد الاسباب الرئيسية لإسقاط الدول ورهنها للآخر هو تنصيب الفاسدين والمفسدين في المواقع الادارية المتقدمة .
هناك جريمة وقد تكون الأخطر ترتكب يومياً ومنذ عدة عقود بحق الوطن أمام مرأى كل المسؤولين من أصغرهم حتى أكبرهم وهي الإجهاز على ما تبقى من الرقعة الزراعية على مساحة الجغرافيا الاردنية ، فكلنا نشاهد يومياً التسارع في حركة العمران العشوائية التي اضطر اليها الكثيرين في أخصب الاراضي الزراعية في الشمال والجنوب والاغوار ، ولا ألوم في ذلك المواطن ، فأغلب الاردنيين الذين مدخولاتهم الشهرية لا تتجاوز بضع مئات من الدنانير لم توفر لهم الحكومات بديلا ً مناسباً ، فهم عاجزين عن شراء الشقق أو الأراضي السكنية الموجودة اليوم بسبب الفحش في الأسعار.
سلة غذاء روما في الشمال والتي كانت تزود الامبراطورية الرومانية بالحبوب أصبحت اليوم كتل أسمنتية ضخمة ، الاراضي الزراعية في الاغوار تتقلص يومياً أمام أعين كل المسؤولين ،أراضي جرش ..السلط ..مادبا..الكرك كلها تبتلع من الكتل الاسمنتية ، وإذا استمر الوضع كما هو عليه الان فخلال سنوات معدودة سنستورد حتى البندورة ، ولا أقول ذلك مبالغة ، فبالأمس القريب كنا نصدر الحبوب واليوم نستورد رغيف خبزنا الممزوج بالدود والصراصير والجرذان . هذا كله ليس صدفة أو سوء تخطيط بل هو مدروس ومخطط له وينفذه لصوص الوطن بدقة ، وأعتقد ان الكثير منا يتذكر تلك اليد الامريكية القذرة وهي تصافح يدنا على كيس الطحين مكتوب تحتها عبارة “هدية من الشعب الامريكي ” تلك الهدية الغادرة أصبحت اليوم أقوى أداة ضغط وتهديد وسلب لسيادتنا .
الأردن الأخضر عام ألفين الذي أراده الراحل العظيم الحسين بن طلال تغمده الله بواسع رحمته أصبح اليوم أردن أجرد تقلصت مساحته الخضراء بتسارع كبير ،ومساحة جباله الخضراء تتجرد من زينتها وحلتها على مدار الساعة إما حرقاً متعمداً أو تقطيعاً جائراً . المناطق المصنفة حرجية ابتداءاً من القويرة وحتى سد الوحدة شمالاً لا حراج فيها ، واذا ما أردنا مقارنة ما أنفقته وزارة الزراعة على التشجير وحجم الاموال “مئات الملايين” التي أنفقت على تلك المهمة مع واقع المساحات المشجرة سنجدها سلبية جداً وكان الاجدى توفيرها على الخزينة وكما يقال ” حراث جمال”.
على الحكومة وكل مسؤول وطني أن يتصدى ويسعى لوقف هذه الجريمة الكبرى بحق الوطن والمواطن مقترحاً ما يلي :
• تخصيص مساحات من هذه الجبال الجرداء والحراج الصالحة للسكن من اقصى الشمال لاقصى الجنوب كمناطق وتجمعات سكنية ، وكل تجمع سكاني يضم مالا يقل عن (20000) وحدة سكنية ، ولا داعي هنا للتذكير بالمستوطنات الصهيونية التي أقيمت على الجبال الفلسطينية ! وهل هم أولى منا بأرضنا !
• تحديد مساحة (750 م2 ) كوحدة سكنية وتوزيعها على من ليس له سكن بسعر (3000-5000 دينار ) ويشترط على كل مستفيد زراعة مالا يقل عن (5) شجرات داخل الوحدة السكنية .
• من أثمان هذه الوحدات السكنية يتم انشاء البنى التحتية والخدمات العامة للتجمع السكاني.
• المناطق الجبلية القابلة للزراعات الشجرية المثمرة يتم تخصيصها (ولا يجوز تمليكها بأي شكل) للمهندسين الزراعين الراغبين بالزراعة بما مساحته (10) دونمات للفرد الواحد للزراعة فقط دون انشاء اية مباني عليها ، وتبقى بحوزته ما دام يزرعها.
• اصدار تشريعات وقوانين صارمة جدا جوهرها هدم أي بناء مخالف على نفقة صاحبه مع غرامات مالية باهظة لمن يعتدي على الاراضي المصنفة زراعية بعد ذلك.
آن الاوان أن نخطو ولو خطوة واحدة صحيحة فيها مصلحة وخدمة للمواطن ونحافظ بها على الوطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى