والمخفي أعظم

و #المخفي_أعظم

د. #هاشم_غرايبه

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، شريطا مصورا، يظهر واقعة قيام الشرطة الألمانية، بانتزاع طفل لم يبلغ السبعة أعوام، من بيت عائلته المسلمة في ألمانيا، وكان منظره وهو يصرخ ويحاول التفلت من بين أيدي الشرطية، يقطع القلوب، ولما وجدت الشرطة تضامنا واسعا من قبل من أعادوا نشر الشريط آلاف المرات، اضطرت الى نشر توضيح قالت فيه أنها اضطرت لذلك الأسلوب المؤلم، تنفيذا لقرار محكمة، تقدمت لها إدارة مدرسة الطفل، تشكو أن أهله أفهموه أن المثلية أمر سيء ولا يسمح به الإسلام، لذلك يبيح القانون انتزاعه من أهله لتربيته بعيدا عنهم في دور رعاية حكومية.
وفي شريط آخر بثته “Kali Fontanilla” وهي إحدى الناشطات الأمريكيات في التصدي لمحاولات نشر المثلية والتحول الجنسي، وتنبه فيه أهالي التلاميذ الى خطورة ما تقوم به إدارات كثير من المدارس في ولاية كاليفورنيا بذريعة ما يسمونه “الجندرية”، حيث يظهر الشريط مدير المدرسة وهو يلبس ملابس نسائية، ويفتخر بمثليته، ويؤكد أن على المدارس ضمان حق الطفل في التحول الجنسي، بدون علم الأهل بذلك.
السؤال الكبير هنا: ما هذا الذي يجري في العالم.. والى أية هاوية تركض المجتمعات؟.
قبل البحث في هذا الموضوع، وهل الشذوذ الجنسي هو حرية شخصية يجب على المجتمع أن يكفلها مثل باقي الحريات، أم هو انحراف وخلل في الممارسة يجب على المجتمع تقويمه، يجب أن نعلم أنها حالة غير معتادة، ناجمة عن خلل هرموني فتنقلب الرغبات الجنسية، فبدلا من كونها تجاه الجنس الآخر، تصبح تجاه الجنس ذاته.
في كل إنسان بعد البلوغ، هنالك هرمونات جنسية ذكرية وأنثوية، في الذكر تكون الذكرية هي الغالبة، وهي المسؤولة عن ظهور مواصفات الرجل ، مثل الشوارب واللحية وخشونة الصوت والعضلات..الخ.
وفي الأنثى تكون الأنثوية هي الغالبة، فتظهر مواصفات المرأة مثل الأثداء ونعومة البشرة ورقة التقاطيع.. الخ.
إذاً فالشذوذ الجنسي خلل يلزمه معالجة وتصحيح، وليس رغبات مكبوتة من حق الفرد أن تطلق له حرية ممارستها.
الأمر ليس اكتشافا حديثا، فقد ظل ذلك الخلل معروفا في كل المجتمعات البشرية عبر التاريخ البشري، ولما كان هؤلاء قلة، فقد ظلوا متوارين عن الأنظار، ولذلك لم يشكل وجودهم ضررا ذا أهمية، لكن عندما كانوا يشكلون ظاهرة لافتة في المجتمع أو تمارس الفاحشة علانية وجماعيا، كان المجتمع ينحدر الى فساد عظيم بسبب تفكك الروابط وخراب البيوت.
لذلك شهدنا أن الله كان يهلك المجتمع بأكمله بسبب تجاوز امكانية الإصلاح، وقد أورد القرآن الكريم قصة واحدة هي قصة قوم لوط لكي تكون عبرة ودرسا، لكنها ليست الوحيدة بلا شك، فقد دمرت مناطق أخرى تفعل الفواحش لم يذكرها القرآن لأنها بعيدة عن أرض التنزيل، مثل منطقة مومباي في إيطاليا التي غمرها بركان فيزوف عام 79 م، ومدن أخرى اكتشفت حديثاغرقت بكاملها مثل: “بالفوبتري” في اليونان، “كانوب” قرب الاسكندريه، وعشرة مدن أخرى غيرها في مختلف بقاع العالم.
يبقى السؤال الهام بغير جواب، وهو لماذا تدفع القوى الخفية (مثلث المال الجشع) المتحكمة بالغرب، تدفع الحكومات الغربية الى المزيد من التشريعات والاجراءات التي تشجع الشذوذ ونشره وتعميمه؟.
هل من مصلحتها تدمير المجتمعات، أم أن ذلك يفتح أمامها أبواب استثمارات جديدة؟.
قد تكون الإجابة: الإثنان معا، فالأول يحقق الثاني، لأن الرأسمالية الاحتكارية تتعامل مع البشر كزبائن مستهلكين لمنتجاتها، ومن السهل على المسوقين استهداف المجتمعات المفككة كأفراد، أكثر بكثير من المرتبطة ببعضها بروابط حميمة وملتزمة، وخاصة الأجيال الناشئة التي تشكل عادة ثلثي المجتمع، والتي من السهل إغراؤها بما يلبي الشهوات، أكثر بكثير من الشباب المنتمين الى عائلات ضابطة لهم وناصحة أمينة، فتحدد لهم الضار والنافع، والمسموح به والممنوع.
لذلك فالتفكك الأسري يتيح الاستفراد بالأفراد بلا حماية من أسرهم، ويسهل استهداف الصغار قليلي التجربة، الذين يميلون عادة الى تجريب كل ما هو جديد ومغرٍ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى