صـــنـــاعةُ الآلـهـةِ وفـنـائِهِـم / د . ناصر نايف البزور

صـــنـــاعةُ الآلـهـةِ وفـنـائِهِـم
في جميع دول العالم، تتسابق الأمم والشعوب وتتنافس في تطوير الصناعة بكافة أشكالها؛ فنرى أمَماً بَرَعت في صناعة السيارات، وأخرى في صناعة الأسلحة، وأخرى في صناعة الأجهزة الخلوية، وأخرى في صناعة السينما بل وحتّى في صناعة الشوكولاته!
أمَّا في بلاد العروبة والإسلام فالشعوب قد فاقت كافة شعوب المعمورة! لقد تَـفَـرَّدَ العربُ في صناعـة الآله! وهذا موروث فكري بديع؛ فقد كانت كُلُّ قبيلة من قبائل العرب تصنعُ ألآلهة الخاصة بها بأيديها من تمرٍ أو خشبٍ أو حجارةٍ ومن ثمَّ تضفي عليها هالةً من القداسة فتعبُدَها!
و في العصر الحديث، فقد حكمَ الكثير من الدول العربية أشخاص لا يملكون أدنى مقوِّمات القيادة؛ ومع ذلك فقد قَدَّسَتهُم شعوبُهُم حتَّى باتوا آلهة في الأرض وفي السماء! فَهُم لا يمرضون، ولا يُخطئون، ولا يجوعون، ولا يهرمون بل وحتّى لا يموتون لأنّهُم حين يُغادرون إلى عُروشهم في السماء يٌغادرون بذنبٍ مغفور إلى قصرٍ معمور ويتركون خلفَهُم أبناءهُم ليحكموا شعوبَهُم دهوراً بعدَ دُهور! فَهُم خالدون خالدون خالدون!
فإذا ما أرادت هذه الشعوب المسكينة التملمُل، تَمَعَّرَ وجه الحاكم “بأمر الله” كما فعل الجنرال السيسي باستخدامه عبارة “انتو مين؟” في مُخاطبة معارضيه وخصومه بل وعموم الناس؛ وهي نفس العبارة القذّافيَّة الشهيرة قُبيل خلعه: “مَنْ أنتم… مَنْ أنتم ؟؟”! هذه الحالة من الإنكار التام للواقع والنرجسية المصحوبة بجنون العظمة والعباطة والتعالي تكشف عُمقَ الأزمة النفسية والسياسية بل والأخلاقية التي تعيشُها الآلهة الجاهلة من الساسة العرب!!!
هذه هي عقلية بعض الرؤساء العرب في مُعالجة و حل الأزمات؛ وهذا هو سبب تقدُّمنا ورفاهنا وسعادتنا! وكما أقول دائماً، فعندما يختار الزعيم الإله الفرد الصمد (كما فعلَ الأسَـد) مواجهة شعبه والاستخفاف بعقولهم ودمائهم، فهو يقود بلاده وشعبه إلى الانحطاط والفقر والجوع والمهانة لبعض الوقت؛ لكنَّه أيضاً يكون قد حكمَ على نفسه أجِلاً أم عاجِلاً بالإعدام بصقاً أو قذفاً بالنعال هو وما وَلَد أو شحطاً بحبلٍ من مَـسَـد! واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقاله عظيمه جدا. بلورت حالنا في الماضي والحاضر وبينت اننا شعوب تلهث وراء سراب وبينت اننا نتقن ايضا الطبل والزمر وتمجيد الأشخاص. سلم قلمك.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى