اوعدينا / د.فدوى احمد علاونة

اوعدينا
بلون وجنتيك الورديتين،تبسم العمر في وجهي ، و في حجر عينيك الذي لا يضيق ذرعاً و لا وهناً ببكائي رضيعةً و بلهوي طفلةً و بعلمي و عملي طالبةً و طبيبةً و أمّاً،كَبُرْتُ ثم كَبُرت ، كبرت الى ان جربت بنفسي قسوة المكنسة و لؤم الغسيل و عذاب تنظيف الصحون و صداع تحضير الطعام
كبرت الى اليوم الذي وصل بي لاذوق مرارة “الوحام” ،والم المخاض و تقلبات اربعين يوماً اتوسل فيها الى مزاج طفلي ليحن علي بساعة من النوم الهانئ .
كبرت الى ان علمت ان في نظرتك الي فحصاً سريرياً للوني و نشاطي و عافيتي ، و ان في لمستك قياساً لدرجة حرارتي و مسحة على شعري و شعوري و جوارحي ، و ان في حضنك مأوىً و ملاذاً من البرد تارة و من الخوف تارة و من الحزن تارة اخرى و ان فيه حفاوة تكفي لكل افراحي و نجاحاتي و انتصاراتي .
أمّا حديثك، فهو قاموس أبجديتي و نشيد طفولتي و ترنيمة في صباحي و مسائي استقي منها منهجاً في اخلاقي و سلوكي و تعاملي .

كبرت فوجدت نفسي ارتدي ثوبك و افرح بزهرة قلبي و هي تساعدني في اختيار لونه و استمع باهتمام الى نصيحتها في تنسيق حجابي و انتقاء اكسسواراتي
اراها و هي تحنو بيديها الناعمتين على تفاصيل يومي، و تلقي بدلالها في حجر ابيها، تمازحه و تداعبه و تلقي عليه اوامرها فهي اميرته و مؤنسة روحه .
هي كنزه الذي لايودعه صندوقاً بل ينميه ادباً و علماً و ثقافةً و لا يستخلف عليه الا من كان اهلاً لرفقة الدرب و شراكة العمر .
هي محبوبته التي يجود عليها بزادٍ من الودِّ و الرحمة تتقوَّت منه و تقوي به من كانت سكناً له و كان سكناً لها.
هي شطره قلبه الذي ناصفه بينها و بين اخيها، ذلك الذي يسابقها بالابتسامة و السؤال و الزيارة ليكون صديقاً من نوع خاص جداً .
هل عَلِمْتِ كم كَبُرْتُ الآن؟ هل علمت ماذا ارتني مرآتك الوردية و بماذا حدثني كتابي و بأي سر باحت لي سطوره ؟
نظرت في مرآتك فوجدت فيها بنتا ً و اختاً و زوجاً و أمّاً و حدثني كتابي انه يعرف مرضاً قد يضنيهن جميعاً و تَبسّمَت سطوره مطمئنة ان فحصا دوريا كفيل ان يقيهن جميعا
فهتفت لهن قائلة ” اوعدينا تفحصي’
اوعدينا فلا أوفى من وعدك اوعدينا فلا أنعم من ملمس يديك
اوعدينا فلا أدفأ من حضنك اوعدينا فلا حديث أرطب و لا اهنأ من كلماتك.
كتبتها د.فدوى احمد علاونة

مهداة الى النساء في شهر التوعية من امراض و سرطان الثدي

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى