لـيـلـة الاســـتــسـمــار!!!/ د. نـاصـر نـايــف الــبـزور

لـيـلـة الاســـتــسـمــار!!!
الكثير مِنَّا يعرف بعض القصص التي تُروى حول أصل المثل القائل “كلام الليل يمحوه النهار”! و مِن هذه القصص و النوادر ما يُروى بانَّ زوجةً اصطدمت قدمها بـ “تنكة” الزيت بينما كانت تكنس المطبخ فانسكب الزيت على الأرض! و كانَ زوجها رَجُلاً شحيحاً مِن طِراز “أبو كَمّونة+”! فَخَشيتْ الزوجة المسكينة أن يُطَلّقها زوجها بجريرة قدمها! و بعد تفكيرٍ طويل، توَصَّلَت “الحُرمة” إلى حيلة جهنَّمية من مُنطَلَق “إنَّ كَيدَهُنَّ عظيم”؛ و نَسينا بأنَّ “تناحة الرجال أعظم”!

قَرَّرَت الزوجة إقامة حفلة “اسـتـسـمـار” (أي اصطناع السـمَـر) و انبساط لزوجها “أبو علي”! حضَر الزوج فَوجدَ الطعام الشهي و وجَدَ زوجته قد تَزَيَّـنـت له؛ فتَهَلَّلَت أساريره و قضى ليلةَ سَمَر و “وناسة” مع حرمه المصون! و في غمرة سمرهما و بهجتهما، قَطَعَت الزوجة السهرة بقولها: “حبيبي أبو علي، تنكة الزيت اندلقت على الُأرض…”! و دون أي تَردُّد هَمَسَ الزوج: “حبيبتي أم علي… الله لا يُردّها…فِداتش كُلّ الزيت”! قضا الزوجان ليلة “الاستسمار” و ناما بسلام و وئام!

استيقظا في الصباح… و قامت أم علي بإعداد طعام الإفطار جلسَ أبو علي واثقاً مُترَبِّعاً، لكِنَّه صَرخَ فجأة كالذي رأى عفريتاً: “وين الزيت يا حُـرمَـة… ليش مِش حاطَّة زيت… عزراييل اللي يشيلتش…” كعادة كثير مِن الأزواج العرب! تلَعثَمت الزوجة المسكينة و قالت: “مش حكيتلك بالليل إنها اندلقَت على الأرض…”!!! “أي ليل… أي ارض… عن شو بتسولفي يا مخرفنة…”!!! يُقال أنَّ أبا علي طَلَّقها… و يُقال انَّها “نَبَطها بالقنوة”… و يُقال أنّه اكتفى “بالخماسي”!!! المًهِم ليس ما جَرى للزوجة من تكسير و تطبيش… المُهِم أنَّنا أضفنا مثلاً إلى مخزوننا الثقافي و الحضاري… J

ما جَرى في مجلس النواب الموَقَّر هذا اليوم يكاد يُشبه قصّة المثل “كلام الليل يمحوه النهار”، إلاّ انَّه حصَلَ بالمعكوس! فقَد ناقش المجلس الكريم قانون صندوق “الاستسمار”… أعني “الاستثمار” في جلسته الصباحية وأقَّـرَّ المجلس بالتصويت عدم السماح للشركات ذات الشراكة أو المساهمة الإسرائيلية بالدخول في هذا الصندوق بأيِّ شكل! لكنَّ المجلس عادَ في جلسته المسائية وقام بإلغاء القرار الصباحي و سَمَح للشركات الإسرائيلية بالاستثمار!!! فما الذي حصَلَ بين الصباح و المساء حَتّى يُغَيِّر المجلس رأيه بهذه السرعة؟؟؟

فما أشبه الاستثمار بالاسـتـسـمـار …. و ما أشبَه الشعب الأردني بأم علي المسكينة!!! و الله أعلَمُ وَ أحكَم!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى