إضراب المعلمين وقراءة ما بين السطور / د. حازم توبات

إضراب المعلمين وقراءة ما بين السطور
المحامي الدكتور: حازم سليمان توبات

الشعب الأردني بالأمس كان يترقب القرارات التي ستتخذذها الحكومة لفك الإضراب, وهناك من كان يتوقع أن تتخذ الحكومة اجراءات تصعيدية ضد النقابة والمعلمين, لكن شيئاً من هذا لم يحصل بل تم فقط الإعلان عن زيادة رواتب المعلمين في حال فك الإضراب كقرار أُحادي الجانب من قبل الحكومة. وبالتزامن مع هذا القرار تم الإعلان عن زيادة رواتب المتقاعدين العسكريين ممن تقاعدوا قبل عام 2010.
هذه الاحداث تكشف شيئاً مما بين السطور وتطرح بعضاً من التسأؤلات:
 لماذا هذا التزامن بين الإعلان عن زيادة هاتيين الفيئتين من فئات المجتمع؟
 لماذا لم تتخذ الحكومة اجراءات تصعيدية ضد النقابة؟
إن أحداث الأمس فسرت بعض المفردات التي تتعلق برفض الحكومة الإعتراف بحق المعلمين في العلاوة المطلوبة, وكشفت اللثام عن بعض ما يدور في أذهان أصحاب القرار, فأصحاب القرار يدركون تماما بأن المعلمين ليس هم الفئة الوحيدة التي تعاني من ضنك العيش وقلة الرواتب بل هم فئة من هذه الفئات وإن تلبية مطالبهم سيحفز حتماً الفئات الأخرى للمطالبة بزيادة رواتبهم, ومن أول هذه الفئات هم المتقاعدون العسكريون قبل عام 2010 , وهم فئة لا يستهان بها من حيث العدد والثقل الاجتماعي وليس للحكومة سلطة عليهم في حال أصروا على مطالبهم. من جانب آخر فزيادة هذه الفئة في هذا الوقت بالذات ستضمن حيادها في حال قررت الحكومة القيام باجراءات تصعيدية ضد المعلمين وحتى لا تكون رديف مساند للمعلمين باعتبارهم يتقاسمون نفس المعاناة من ضنك العيش وانعدام العدالة الإجتماعية. لذلك نستطيع القول بأن هذه الخطوة قد تمهد لما بعدها.
أما الإجابة على السؤال الثاني, فالإضراب كشف أن الحكومة ليست إلا ناطق إعلامي تنطق بما يتلو عليها وإنها ليست هي الجهة التي تدير المشهد الحالي, وليس لها سلطة في اتخاذ القرار, من جانب آخر فقد تبين إدارك أصحاب القرار لخطورة اتخاذ أي قرار تصعيدي في الوقت الحالي وخصوصا في ظل التماسك والتكاتف المبهر للمعلمين والتفافهم حول نقابتهم, فهذا القرار يجب أن يسبقه اجراءات ومحاولات تهدف لإحداث شرخ في صفوف المعلمين انطلاقا من مبدأ “فرق تسد” وتهدف من جانب آخر إلى تقليل مستوى التعاطف الشعبي مع مطالب المعلمين. وقد بدأت هذه الاجراءات فعلياً يوم أمس من خلال الإعلان عن زيادة الرواتب للمعلمين والمتقاعدين العسكريين. لذلك أعتقد أن الحكومة لن تقوم بأي إجراء تصعيدي ما لم تحدث شرخ في صفوف المعلمين وضمان عزلهم عن بقية فئات المجتمع, وبغير ذلك فإن نتائج أي تصعيد حكومي غير مضمون النتائج وقد ينقلب السحر على الساحر.
الرد على الزيادة المعلنه من الحكومة جاء متوافقا بين النقابة وهيئتها العامة, ومخيبأ لأمال الحكومة في احداث هذا الشرخ , فالكل رفض جملة وتفصيلا هذه العلاوة كونها لا تنسجم مع المطالب, وأصر المعلمون ككتلةٍ واحدة على ضرورة تحقيق العدالة الإجتماعية , وكان رد نائب النقيب بمثابة مرافعة علنية واضحة بإسم الغالبية العظمى من الشعب الأردني, لخصها في عبارة واحدة ” لا نريد الفتات, نريد عدالة اجتماعية , إما ان نشبع جميعاً أو نجوع جميعاً ” . فهل يدرك أصحاب القرار مدلولات هذه العبارة , أم سيبقوا مصرين على تغليب مصالح الفساد على حساب كرامة الشعب وأسباب معيشته, ضاريبن بعرض الحائط مصلحة أبناءنا الطلبة في ظل إنشغالهم بإسكات الأصوات الحرة التي تطالب بالعدالة الإجتماعية ومحاربة الفساد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى